للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أم كانوا على عهد موسى يقولون: كما تقولون كل يوم: اردد حكامنا كالأولين ومسراتنا كالابتداء وابن "يَروشليم" قرية قدسك في أيامنا، وعزنا ببنائها يا باني يروشليم؟ أم هذه فصول شاهدة بأنكم لفقتموها بعد زوال دولتكم، أما صوم إحراق بيت المقدس، وصوم حصاره، وصوم كذلينا (١) التي جعلتموها فرضًا هل كان موسى يصوم ذلك؟ أو أمر به هو أو خليفته يوشع بن نون؟ أو صوم صلب هامان؟ هل هذه الأمور مفترضة بالتوراة أم زيدت لأسباب اقتضت زيادتها في هذه الأعصار؟

فإن قالوا: وكيف يلزمنا النسخ بهذه الآي، قلنا: لأن التوراة بهذه الآية نطقت، وهي ما تفسيره بالعربية: لا تزيدوا على الأمر الذي أنا موصيكم به شيئًا، ولا تنقصوا منه شيئًا، فإن زدتم أشياء من الفرائض فقد نسختم تلك الآية.

وثم وجه آخر وهو أن يقال لهم: أليس عندكم: أن الله اختار من بني إسرائيل الأبكار ليكونوا خواص للخدمة في الأقداس؟ فيقولون: بلى، فنقول لهم: أليس عندكم أيضًا: أن موسى لما نزل من الجبل وعنده الألواح فوجد القوم عاكفين على عبادة العجل، وقف بطرف العسكر ونادى: من كان لله تعالى فليحضرني. فانضم إليه بنو ليوي، ولم ينضم إليه البكور، على أن مناداته وإن كان لفظها يقتضي العموم، فإنه لم يكن أشار بها إلا إلى البكور، إذ هم خاصة الله يومئذ دون أولاد ليوي، فقال الله لموسى: ما تفسيره بالعربية: وقد أخذت الليويين عوضًا عن كل بكر في بني إسرائيل. أفليس الله قد عزل الأبكار عن ولاية الاختصاص وأخذ أولاد ليوي عوضًا عنهم؟ ! فهم لا يقدرون على إنكار ذلك، وهذا يلزمهم منه القول بالبداء والنسخ اللذين هم ينكرانهما.

هذا وفي قوله تعالى: {ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض} فيه رد على القائلين بأن النسخ يلزم منه البداء، وهو ظهور الشيء بعد أن كان خفيًا، لأن


(١) في "إفحام اليهود" ص ٩٨ بتحقيق د. محمد عبد الله الشرقاوي: "كدليا". وفي المطبوعة باسم "بذل المجهود" بتعليق عبد الوهاب طويلة ص ٤٠: "كداليا". ولم يشرحا ما معناها مع تعليقهما على الكثير غيرها! !

<<  <   >  >>