للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسفل، والمتأخرون المنتصرون لمذهب (فيثاغورث) خالفوا في سير الشمس ودورانها، فجعلوها مركزًا تدور عليه الكوكب، وجعلوا الأرض دائرة حول الشمس كبقية الكواكب.

وادعى بعض المتأخرين منهم، أنه اكتشف كوكبًا ثامنًا للسيارات، وسماه "نبتون" باسم مكتشفه.

والذي يلوح لي: أن هذا الكوكب هو الذي يعبر عنه الأقدمون بفلك الثوابت، وهو كثير الذكر في كتب الهيئة، وقد بقي عليهم فلك آخر، لم يكتشفوه، وهو فلك الأفلاك، والفلك الأعظم والأطلس، وقالوا: إنه محيط بجميع الأجسام، وليس وراءه شيء، لا خلاء ولا ملا؛ ولقد سبق القرآن الكريم إلى ذكر هذين الكوكبين، فقوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: ٢٥٥] يشير إلى الثامن؛ وقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه] يشير إلى التاسع.

وحيث إن العقول وقفت حيرى دون الاطلاع على حقيقة تلك الأفلاك، وما تضمنته من السيارات وغيرها، واختلفت آراء أقوام ادعوا أنهم حازوا القدح المعلى في معرفة الأفلاك، فقوم قالوا: بأن هذه السيارات سائرة في فضاء غير متناه؛ وقوم قالوا: إن لها أفلاكًا مركوزة هي في ثخنها، دلّ ذلك على أن لها خالقًا صانعًا مختارًا لا تدرك كنه حكمته، ولا يمكن الاطلاع على حقيقة ما أودعه في كونه، وأن من رام معرفة تلك الحقيقة، تاه في ديجور الأوهام، ويمكن أن يأتي زمان ترتقي فيه الأرصاد إلى اكتشاف ما هو أعلى من نبتون، فسبحان من حبرت حكمته العقول.

ومن جملة الحيرة في هذا المكان، ما قاله ابن سينا في "الشفا": من أنه لم يتبين لي إلى الآن، أن كرة الثوابت كرة واحدة، أو كرات منطبق بعضها على بعض.

وقال غيره: إن الذي ذكره الرئيس في كرة الثوابت، قائم في جميع الكرات،

<<  <   >  >>