والقسم الثاني: هو الذي يباين معاني القرآن الكريم، وهو مردود مرفوض، والشيخ بدران نزّه كتابه عنه.
والتأويل له شروط كثيرة حتى يقبل، ولكن أكثر الذين فسّروا القرآن بالآراء لم يلتزموها، ونجد الشيخ بدران يحط عليهم في هذا التفسير، وانظر إليه في الصفحة ٨٨ يقول عن الرعد والبرق والصواعق:
(وأما الرعد والبرق، فليس في هذه الآية إشارة إلى أن منشأهما من أي شيء، غاية الأمر أنهما وقعا في تركيب التشبيه، فكان من اللازم أن نلوي عنان البحث عن الكلام عليهما؛ وعن الصواعق أيضًا، بل كان من اللائق أن لا نفسر شيئًا من ألفاظها، لأن أحدًا يعلم اللغة العربية لا يجهلها؛ غير أن المفسرين استطردوا هنا في ذكر أسبابها بحسب ما لاح لهم، فلزمنا أن نذكر منها شيئًا، وإن كان سيأتي في كتابنا هذا أكثر مما ذكرناه، فنقول:
تكلم الناس قديمًا وحديثًا على السبب الذي فيه البرق والرعد، والصواعق كلامًا كثيرًا، وأطالوا في الأدلة وأخذ كل متأخر ينقض قول من تقدمه إلى يومنا.
وسيجيء قوم ينقضون جميع ما ذكره القوم من الأدلة، ويظهر لهم غير ما نحن عليه اليوم، وما ذلك إلا لأن علام الغيوب هو المظهر لما في الكائنات، ولا يمكن لمخلوق أن يطلع على حقيقة الموجودات، وأن يعلمها علمًا يقينيًا لا يقبل النقض بحال من الأحوال، ويعلم ما قلناه مسلمًا به، من يطالع كتب الحكماء، فإنه يرى كثرة اختلافهم في أسباب الأمور المشهودة، واستدراك المتأخر منهم على المتقدم، ونقض أدلته وزعمه أن السبب غير ما ذكره مَنْ سلف، أو أن السبب المذكور غير تام السببية، وغير ذلك مما يدل على أن أقوالهم رجم بالغيب).
ثم يقول في الصفحة ٨٩:
(وأما البرق، فروى ابن جرير عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- أنه قال:"إنه مخاريق الملائكة").