الهجرة النبوية، فرجع إلى الطريقة التي كان عليها فيثاغورث- بالثاء آخره أو بالسين - المؤسسة على حركة الأرض، وقرر أن الشمس مركز، وأن الأرض وجميع السيارات تدور عليها، وأيد هذه الطريقة بتطبيقها على العلوم الرياضية، وألف في ذلك كتابًا سماه "حركات الأجرام السماوية" فقام عليه يومئذٍ علماء دين النصرانية، ورموه بالزيغ والإلحاد، ونهوا عن مطالعة كتابه، وكان ذلك في مجمع كنيسة رومية، ثم اشتهر كتابه وشاع هذا المذهب فنسب إليه، وقام يناصر هذه الطريقة جماعة في أوقات مختلفة، حتى صارت هي المتعارفة والمعول عليها، وسميت بالهيئة الجديدة، وأنت خبير بأنها ليست بجديدة بل هي قديمة، وموجودة في الكتب الإسلامية، وقد فصلها كثير من علماء الهيئة، ومن جملتهم "القاضي عضد الدين الإيجي" في كتاب "المواقف"، فإنه تكلم عليها في المقصد السادس من القسم الثالث، المشتمل على الكلام على العناصر، وكانت وفاته سنة ست وخمسين وسبعمئة من الهجرة النبوية، وحكاها أيضًا الإمام "فخر الدين الرازي" في مواضع من تفسيره، وأطال عند تفسير هذه الآية بما حاصله:
اعلم أنه تعالى ذكر ههنا أنه جعل الأرض فراشًا، وكونها كذلك مشروط بأمور من جملتها كونها ساكنة، إذ لو كانت متحركة لكانت حركتها إما بالاستقامة أو بالاستدارة، فإن كانت بالاستقامة لما كانت فراشًا على الإطلاق لأن من قفز من موضع عال، كان يجب عليه أن لا يصل إلى الأرض لأن الأرض هاوية، وكذلك الإنسان هاوٍ، والأرض أثقل من الإنسان، والثقيلان إذا نزلا كان أثقلهما أسرعهما، والأبطأ لا يلحق الأسرع، فكان يجب أن لا يصل الإنسان إلى الأرض، فثبت أنها لو كانت هاوية لما كانت فراشًا، أما لو كانت حركتها بالاستدارة لم يكتمل انتفاعنا بها، لأن حركة الأرض مثلًا إذا كانت إلى المشرق والإنسان يريد أن يتحرك إلى جانب المغرب، ولا شك أن حركة الأرض أسرع، فكان يجب أن يبقى الإنسان على مكانه وأنه لا يمكنه الوصول إلى حيث يريد، فلما أمكنه ذلك علمنا أن الأرض غير متحركة، لا بالاستدارة، ولا بالاستقامة، فهي ساكنة.
وعجيب من الإمام الرازي ذكر مثل هذا الدليل الضعيف، إذ لا علاقة، بين