للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخمساً وأربعين، ففيها بنت مَخَاض مع الحِقَّتين، فإذا بلغت مائة وخمسين ففيها ثلاث حِقَاق، ثم يستأنف الحساب فيجب في كل خمس تزيد شاة مع الحقاق الثّلاث، إلى أن تبلغ مائة وخمساً وسبعين، فحينئذ فيها بنت مَخَاض وثلاث حقَاق، وفي مائة وست وثمانين بنت لَبون وثلاث حقاق، وفي مائة وست وتسعين أربع حِقَاق، وربما قيل وفي مائتين أربع حِقاق؛ لأن الأربع عفو لا يختلف الوَاجِبُ بوجودها وعدمها، ثم بعد المائتين يستأنف الحِساب، وعلى رأس كل خمسين يجعل أربع عفواً على ما ذكرنا، وعند مالك إِذَا زَاد على عشرين ومائة أقل من عشر لم يتغير الواجب، فإذا بلغت مائة وثلاثين فحينئذ فيها بنتا لَبُون وحِقَّة، وقد استقر الحساب في كل أربعين بنت لَبُون، وفي كل خمسين حِقَّة وعنه رواية أخرى مثل مذهبنا، ورواية ثالثة أنه إذا زادت واحدة على المائة والعشرين تغيَّر الفرض، وتخيَّر السَّاعي بين الحِقَّتَيْن وبين ثلاث بنات لَبون.

وعن أحمد روايتان كالروايتين الأوليين عن مالك، والأصح عنه مثل مذهبنا.

إذا عرفت هذه المذاهب رقّمت قوله في الكتاب: "فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، بالحاء والميم والألف وقد أعلم بالواو أيضاً؛ لأن إمام الحرمين قال: حكى العراقيون أن ابْن خَيْرَان من شيوخنا كان يخيّر وراء المائة والعشرين بين مذهب الشّافعي -رضي الله عنه- ومذهب أبي حنيفة -رحمه الله-، فجعل ذلك وجهاً، لكن لم أَجِدْ في الكتب المَشْهُورَة للعراقيين، وتعليقاتهم، نسبة هذا المذهب إلى ابْنِ خيران، وإنما حكوه عن ابْنِ جرير الطَّبَرِي، وربما وقع تغيير في بعض النّسخ، لتقارب الاسمين، وتفرد ابْنُ جَرِير لا يعد وجهاً في المذهب، وإن كان معدوداً من طبقة أصحاب الشافعي -رضي الله عنه-، ثم في الفَصْلِ أمور لا بد من معرفتها:

أحدها: أن قوله: في الكتاب فإن لم يكن في ماله بنت مَخَاض فابن لَبُون ذكر إنما ذكره جرياً على لفظ الخبر ونظامه، وأما فقهه وتعريفه فهو مذكور من بعد، ولماذا قيد ابن اللَّبون بالذَّكر وبنت المَخَاض قبل ذلك بالأنثى؟ ذكروا فيه قولين:

أصحهما: أنه وقع تأكيداً في الكلام كما يقال: رأيت بعيني وسمعت بأذني، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما أبقت الفرائض فَلأَوْلى رجل ذكر".

والثَّاني: أن الغَرَض منه أن لا يؤخذ الخُنْثَى فإن في خلقته تشويهاً وعيباً، والصَّحيح أجزاء الخُنْثَى على ما سيأتي، ثم في لفظ الابْنِ والبنت ما يغني عنه.

الثَّاني: أنك ربما تجد في بعض النُّسَخِ عند قوله: فإذا زادت على عِشْرين ومائة، ففي كُلِّ أربعين بنت لَبُون، وفي كل خمسين حِقَّة زيادة، وهي فإذا زادت على عشرين ومائة واحدة ففيها ثلاث بنات لَبُون، ثم في كل أربعين بنت لَبُون، وهذه الزيادة صحيحة ولكن الكلام مستقيم دونها، والظاهر أنها مُلْحقة غير مذكورة من جهة المصنف لأمرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>