للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ظاهر نَصّه في "المختصر": لا؛ لأن الوُجوبَ ثبت من حين القدوم.

والثاني: نعم؛ لأنا نتبين بقدومه أن ذلك اليوم من أوله يوم القدوم وبهذا قال المزنى، وابن الحداد، وعلى هذا فيعتكف بَقِيَّة اليوم، ويقضي بِقَدْرِ مَا مَضى من يوم آخر، ولا يخلى الوقت عن العِبَادة بقدر الإمْكَان.

وقال المُزِنَى؛ الأولى أن أن يستأنف اعتكاف يوم ليكون اعتكافه موصولاً، ولو كان النَّاذِرُ وقت القُدُوم مريضاً، أو محبومساً قضى عند زوال العذر أما ما بقى من النهار أو يوماً كاملاً على اختلاف القولين، وعن القاضي أبي حامد وصاحب "الإفصاح" أنه لا شيء عليه؛ لعجزه وقت الوُجوبِ كما لو نذرت المرأة صَومَ يوم بعينه فحاضت فيه.

قال الغزالي: (الثَّالِثُ فِي الاسْتِثْنَاءِ) فَإذَا قَالَ: أَعْتَكِفُ شَهْراً مُتَتَابِعاً أَخْرُجُ إِلاَّ لِعيِادَةِ زَيْدٍ لم يَجُزِ الخُروُجُ لَغْيِرِهَ، وَلَوْ قَالَ: لا أَخْرُجُ إِلاَّ لشُغْلِ يَعِنُّ لِي جَازَ (م و) الخُروُجُ لِكُلِّ شُغْلِ دِينَيِّ أَوْ دُنْيَوِي لاَ كَالنَّظَّارَةِ وَالتَّنَزُّهِ، وَلَوْ قَالَ: أتَصَدَّقُ بِهَذِهِ الدَّرِاهِمِ إِلاَّ أَنْ أحْتَاجَ إِليْها، فالأَظْهَرُ صِحَّةُ الشَّرْطِ، وَلَوْ قَالَ: إِلاَّ أَنْ يَبْدُوَ لي فَالأَظْهَرُ فَسَادُ الشَّرْطِ.

قال الرَّافِعِيُّ: إذا نذر بصفة التتابع شرط الخروج منه إن عرض عارضٌ صح شرطهِ، لأن الإعتكاف إنما يلزمة بالْتِزَامه، فيجب بِحَسَبِ الالْتِزَام، وعن صاحب "التقريب" والحناطي حكاية قول آخر: أنه لا يصح؛ لأنه شرط يخالف مقتضى الإعتكاف المتتابع فيلغى كما لو شرط المعتكف أن يخرج للجماع، وفيما علق عن الشَّيْخِ أبي محمد أن بالأول قال أبو حنيفة، وبالثَّانى قال مالك، وعن أحمد روايتان كالقولين فإن قلنا بالأول وهو الصَّحِيح المشهور، فينظر أن عين نوعًا فقال؛ لا أخرج إلا لعيادة المرضى، أو عين ما هو أخص منه فقال: لا أخرج إلا لعيادة زيد، أو لتشييع جنَازَتِهِ إن مات خَرَج لِمَا عَيَّنَهُ دون غيره من الأَشْغَال، وإن كان أهَمَّ مِنْهُ وإن أطلق وقال: لا أخرج إِلاَّ لِشُغْل يَعِنُّ لِي أو لعارض كَانَ لَهُ أن يخرج لِكُلِّ شُغْلٍ ديني كَحُضُورِ الجُمُعَةِ، وعيادة المَرْضَى، وصلاة الجَنَازة، أو دنيوي كلقاء السُّلطان، واقتضاء الغَرِيم، ولا يبطل التَّتَابع بشيء من ذلك، ويشترط في الشُّغْلِ الدُّنيوي أن يكون مباحاً، ونقل وجه عن "الحاوي" أنه لا يشترط، ولا عبرة بالنظارة والنزهة، فإن ذلك لا يعد من الأَشغال ولا يغتنى به، ولو قال: إن عرض عَارِض قطعت الاعتكاف فالحكم كما لو شرط الخروج، إلا أن في شرط الخروج يلزمه العود عند قضاء تِلْكَ الحَاجَةِ، وفيما إذا قصد القَطْع لا يلزمه ذلك، وكذا لو قال: على أن أعتكف رَمَضَان إلا أن أمرض أو

<<  <  ج: ص:  >  >>