للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث، عن الشيخ أبي محمَّد: أنه القدر الذي ينتو عند إطباق الفم؛ كما أنه يراعى هذا القدر في الشُّفْرَيْن.

والرابع: أن القدر الذي لو قطع لم تنطبق الشفة الأخرَى على الباقي هو كلُّ الشفة، حكاه الإِمام عن مرامز كلام الأئمة.

والوجه الثالث: أقلُّ المقادير، والأول أكثرها، والثاني معتدلٌ متوسِّط، وروي ذلك عن نصه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في "الأم"، وهو الذي أورده أكثر المتكلِّمين في حد الشفة. وقوله في الكتاب: "وفي كل واحدةٍ نصْفُ الدية" معْلَم بالميم؛ لما روينا.

وقوله: "إلى ما يستر عُمُورَ الأسْنَانِ"، وقد يقال بدله: "إلى ما يستر اللِّثة"، وقد يجمع بينهما، والعُمُورَ جمعُ: عَمْرِ، وهو: اللحم بين الأسنان، واللَّثَة: اللحمُ حوْلَ السِّنْخ، وهو وراء العُمُورَ، فيجوزَ أن يقدَّر فيه اختلاف، ويجوز أن يبني الأمرُ على التقريب (١)، وذكر اللثة يغني عن ذكر العُمُور، فإنها وراء العمور، ولا ينعكس، وذكر في "الوَسِيطِ" بعد حكاية هذه الوجوه أن تقدَّر كل الشفة بأن يقدر قوساً طرفاه عند الشِّدْقَيْن، ومُحَدَّبُه (٢) عند إلارتتاق، أو ما دونه، على أحد الوجوه، فما يحويه مقعر هذا القوس، هو كلُّ الشفة، وفي "النهاية" نحْوٌ من هذا، لكن على الوجه الأول خاصَّة، ويشبه أن يقال: لا معنى لتقدير القوْسِ واعوجاج الخَطِّ، ولكن موضع الارتتاق بما يحاذي وتره الأنف من الأعلى، إلى موضع الارتتاق مما يحاذي الشِّدْقَ من الأسفل يقرب من المسامتة، فليعتبر خط مستقيم من (٣) محاذاة الوَتَرَة إلى محاذاة الشِّدْق، وكذلك في الشفة السفلَى ويكون حدُّ الشفتين معاً شكْلَ مربَّع مستطيل أو غير مستطيل، ولا يبعد عن العُرْف، وإطلاق الاسم أخذ شيء من الشِّدْق في حد الشفة، لكن قال الإِمام: لم يَصِرْ إليه أحدٌ من الأصحاب.

" فَرْعٌ" (٤)

لو ضرب على شفته، فأشلَّها، فصارت منقبضة لا تسترسل، أو مسترسلة لا تنقبض، فعليه الدية (٥)، ولو قطع شفةً شلاء، فعليه الحكومة، ولو شق


(١) في ز: القريب.
(٢) في ز: وفخذييه.
(٣) في ز: عن.
(٤) في أ: فروع.
(٥) قال في البحر: ولا يختلف المذهب فيه لبطلان المنفعة كاليدين إذا شلتا. وقال في الحاوي: إذا استرختا حتى لم ينفصلا عن الأسنان إذا كشر أو ضحك لا يلزم كمال الدية عندي لبقاء منفعتهما بحفظ الأسنان وما يدخل في الفم من المأكول فينبغي أن تجيء حكومة بخلاف ما لو تقلص حتى ذهب جميع منافعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>