للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكورته أو أنوثته، عمل بقوله في سقُوط الحضانة، وهل يُعْمَل به في استحقاقها أم لا يعمل للتهمة؟ نقل القاضي الرويانيُّ فيه وجهين (١).

قَالَ الغَزَالِيُّ: السَّبَبُ الثَّالِثُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى مِلْكِ اليَمِينِ وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الكِفَايَةِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالعَادَةِ، وَيُقْتَصَرُ فِي الكُسْوَةِ عَلَى الخَشِنِ، وَلاَ يُقْتَصَرُ عَلَى سَتْرِ العَوْرَةِ، وَلاَ يَجِبُ تَفْضِيلُ النَّفِيسِ عَلَى الخَسِيسِ فِي جِنْسِ الكُسْوَةِ عَلَى الأَصَحِّ، وَقِيلَ: يَجِبُ تَفْضِيلُ السَّريَّةِ عَلَى الخَادِمَةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجْلِسَ الرَّقِيقَ مَعَهُ فِي الأَكْلِ أَوْ يُوَزِّعَ لَهُ لُقْمَةً، وَيَجِبُ ذَلِكَ فِي وَجْهٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَرَغْنَا بمعونة الله -تعالى- مِنَ القول في نفَقَةِ الزَّوجَات والأقارب، والسبَبُ الثالث لوجوب النفقة مِلْكُ اليَمِين، فيجب على السيد نفقة رقيقة قُوتاً وأُدْماً وكُسْوةً وسائر مؤناته، قنّاً كانَ أو مُدَبَّراً أوأمَّ وَلَدٍ، يستوي فيه الصغير والكبير والزَّمِنُ والأعمَى والسليم والمستأجر والمَرْهُون وغيره.

رُوِيَ عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لِلْمَملُوكِ طَعَامُهُ وَكُسْوَتُهُ بِالْمَعرُوفِ، وَلاَ يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا يُطِيقُ (٢) وَإِذَا كَانَ كَسُوبًا، فَكَسْبُهُ لِلسَّيِّدِ، إِنْ شَاءَ أَخَذَ كَسْبَهُ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ" فإن لم يف والشركاء، فالباقي عليه وإن زاد فالزيادة له في الملك عليهم النفقة بحَسَب الملك، ولا تجب النفقة للمُكَاتَبِ على (٣) السيد؛ لاستقلاله، ولذلك توجب نفقة عبده عليه.

ولا تتقدَّر نفقته كنفقة القريب، ولكن تُعتَبَرُ فيه الكفاية، وذكروا فيما تعتبر كفايته وجْهَيْنِ:

أحدهما: تعتبر بما يَكْفي مثلَهُ في الغالب، ولا تُعْتبر حالُهُ في نفْسِهِ.

والثاني: تُعْتَبَر حاله في نَفْسه، ويُرَاعَى رغبته وزهادته، فإن لم يكفه ما يَكْفِي مثْلَه غالباً، فعلى السيد الزيادة، وهذا ما اختاره صاحب "الشامل" وهو المفهوم من إطلاق لفْظ الكتاب، وعن صاحب "الحاوي" أنه إن كان يُؤَثِّر فقد الزيادة في قُوَّتِهِ وبَدَنِهِ، لزمت على السيد، إلا فلا، وينبغي أن تجيْء هذه الوجوهُ قويُّها وضعيفُها في نفقة القريب.

وأما الجنْسُ، فيعْتَبَرُ غالبُ القوت الذي يَطْعَم منه المماليك في البلد؛ من الحنطة


(١) قال النووي:. أصحهما: يعمل وهو الجاري على قواعد المذهب في نظائره.
(٢) رواه الشافعي [١١٩٣] ومسلم [١٦٦٢] من هذا الوجه وفيه محمد بن عجلان.
(٣) قال النووي: وهل يلزم السيد شراء الماء لطهارة رقيقة؟ وجهان، أصحهما: نعم، كفطرته، والثاني: لا؛ لأن له بدلاً وهو التيمم، كما لا يلزمه دم بتمتعه بل يصوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>