للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرْوَى أَنَّ جَعْفَراً -رضي الله عنه- لَمّا قَدِمَ مِنَ الحَبَشَةِ عانَقَهُ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، (١) وقد قدّمْنَا في المُعَانَقَةِ كَلاَماً في أَوَّلِ النِّكَاحِ، والله أعلم.

الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الجِهَادِ

قال الغَزَالِيُّ: وَالنَّظَرُ فِي تَصَرُّفِ الإِمَامِ فِيهِمْ بِالقِتَالِ وَالاسْتِرْقَاقِ وَالاِغْتِنَامِ (النَّظَرُ الأَوَّلُ فِي القِتَالِ) وَفِيهِ مَسَائِلُ: (الْأُولَى) أَنَّهُ يَجُوزُ الاسْتِعَانَة بِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَبِالمُشْرِكِ الَّذِي تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُ وَبِالعَبِيدِ إِذَا أَذِنَ السَّادَةُ وَبِالمُرَاهِقِينَ* وَالذِّمَّيُّ إنْ حَضَرَ منْ غَيْرِ إِذْنٍ فَفِي اسْتِحْقَاقِهِ الرَّضْخَ خِلاَفٌ* وإِنْ نُهِيَ فَحَضَرَ لَمْ يَسْتَحَقُّ* وَالمُخَذِّلُ يَخْرُجُ مِنَ الجُنْدِ وَلاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئاً وَإِنْ حَضَرَ.


= أن يضع يده أو ثوبه ونحوه على وجهه، ويخفض صوته وتشميته إلى ثلاث مرات، فإن زاد، دعا له بالشفاء، ولا يشمته حتى يسمع تحميده، وأقل التشميت وجوابه أن يسمعه، ولو قال لفظاً آخر غير الحمد لله، لم يشمت، ففي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا عطس أحدكم فحمد الله تعالى، فشمتوه، فإن لم يحمد الله تعالى، فلا تشمتوه" وهذا الحديث مما ينبغي حفظه وإشاعته، فإن كثيراً من الناس يتساهلون فيه، وإذا لم يحمد الله تعالى، يستحب لمن عنده أن يذكره الحمد، ولو سمع حمده بعض القوم، يشمته السامعون فقط، ولو عطس يهودي، فليقل: يهديكم الله، ولا يقل: يرحمكم الله، ففيه حديث صحيح، ولو تثاءب، فالسنة أن يرده ما استطاع، وأن يضع يده على فمه، ثبت ذلك في صحيح مسلم، وسواء كان في صلاة أو غيرها، ويستحب إجابة من ناداه، بلبيك، وأن يقول لمن ورد عليه: مرحباً، وأن يقول لمن أحسن إليه: جزاك الله خيراً، أو حفظك الله ونحوهما، ويسن لمن أحب أخاً له في الله تعالى أن يخبره أنه يحبه، وهذا الباب واسع جداً، وفيما ذكرته مقنع، وقد أوضحت جميع ذلك بدلائله الصحيحة المتظاهرة في كتاب "الأذكار" وفيه ما لا يستغنى عن مثله من أشباهه، وإنما بسطت هذا الفصل على خلاف العادة، لأنه أحكام وسنن تدعو الحاجة إليها ويكثر العمل بها، فهي أولى من نوادر المسائل التي لا تقع في العادة، وأسأل الله الكريم التوفيق للخيرات. والله أعلم.
(١) أخرجه الدارقطني من حديث عمرة عن عائشة قالت. لما قدم جعفر من أرض الحبشة، خرج إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فعانقه، وفي إسناده أبو قتادة الحراني وهو ضعيف، ورواه العقيلي من حديث محمد بن عبيد بن عمير وهو ضعيف أيضاً، ورواه أبو داود [٥٢٢٠] مرسلاً، والطبراني في الكبير من حديث الشعبي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلقى جعفر بن أبي طالب فالتزمه، وقبل ما بين عينيه، ووصله العقيلي من حديث عبد الله بن جعفر، ومن حديث جابر بن عبد الله، وهما ضعيفان، ورواه الحاكم من حديث ابن عمر وفيه أحمد بن داود الحراني، وهو ضعيف جداً اتهموه بالكذب، وعن أبي جحيفة قال: قدم جعفر من أرض الحبشة، فقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- ما بين عينيه، الحديث بطوله، رواه الطبراني، وفي الباب عن عائشة، قالت: استأذن زيد بن حارثة أن يدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فاعتنقه وقبله، أخرجه الترمذي. قال الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>