للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْحَجِّ (١)

قال الغزالي: وَلاَ يَجِبُ فِي العُمْرِ إلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالنَّظَرُ فِي المُقَدِّمَاتِ وَالمَقَاصِدِ وَاللَّوَاحِقِ القِسْمُ الأَوَّلُ فِي المُقَدِّمَاتِ وَهِيَ الشَّرَائِطُ وَالمَوَاقِيتُ.

قال الرافعي: قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (٢) وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بَنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ" (٣) الحديث.

ولا يجب الحَجُّ بأصل الشّرْع في العمر إلا مرة واحدة؛ لما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه- قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ الحَجّ"، فَقَامَ الأَقْرعُ بْنُ حَابِس فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: "لَوْ قُلْتَهَا لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْلَمُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةٌ فَمَنْ زَادَ فَتَطَوّعٌ" (٤).

وقد يجب أكثر من مرة واحدة بعارض كالنَّذْر والقضاء؛ وكما أنا نوجب على قول: الإحرام بحج أو عمرة لدخول مكَة على ما سيأتي. وليس من العوارض الموجبة الرّدة، والإسلام بعدها، فمن حَجَّ ثم ارْتَدَّ ثم عاد إلى الإسلام لم يلزمه الحج، خلافاً


(١) الجمع لغة: القصد، ومنه: حج إلينا فلان. أي قدم. انظر لسان العرب (٢/ ٧٧٩)، المغرب: (١٠٣)، المصباح المنير: (١/ ١٢١). واصطلاحاً: عرفه الحنفية بأنه: قصد موقع مخصوص وهو البيت بصفة مخصوصة في وقت مخصوص بشرائط مخصوصة. عرفه الشافعية بأنه: قصد الكعبة للنسك. عرفه المالكية بأنه: هو وقوف "بعرفة" ليلة عاشر ذي الحجة، وطواف بالبيت سبعاً، وسعى بين الصفا والمروة، كذلك على وجه مخصوص بإحرام. عرفه الحنابلة بأنه: قصد "مكة" للنسك في زمن مخصوص. انظر: الاختيار: (١٧٧)، مغني المحتاج: (١/ ٤٦٠)، نهاية المحتاج: (٣/ ٢٣٣)، الشرح الكبير: (٢/ ٢٠٢)، المبدع: (٣/ ٢٨٣)، كشاف القناع: (٢/ ٣٧٥)، أسهل المدارك: (١/ ٤٤١)، الفواكه الدواني: (١/ ٤٠٦)، مجمع الأنهر: (١/ ٢٥٩).
(٢) سورة آل عمران، الآية ٩٧.
(٣) تقدم في الصيام.
(٤) أخرجه أبو داود (١٧٢١) والنسائي (٥/ ١١١) وابن ماجة (٢٨٦٦) والحاكم (١/ ٤٤١)، وقال صحيح على شرط الشيخين، والبيهقي (٤/ ٣٢٦) وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- (١٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>