للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق أن سقوط القضاء عن الحائض ليس من باب الرخص والتخفيفات بل هو عزيمة، فإنها مكلفة بترك الصلاة، والمجنون ليس مخاطباً بترك الصلاة، كما ليس مخاطباً بفعلها، وإنما أسقط القضاء عنه تخفيفاً، فإذا كان مرتدًّا لم يستحق التخفيف، ومما يوضح الفرق أنها لو شربت دواء حتى حاضت لا يلزمها القضاء، بخلاف ما لو شربت دواء يزيل العقل، وكذلك لو شربت دواء حتى ألقت الجنين ونفست، لا يجب عليها قضاء الصلوات على المذهب الصحيح؛ لأن سقوط الصلاة عن الحائض والنفساء عزيمة. فالحاصل أن من لم يؤمر بالترك لا يستحيل أن يؤمر بالقضاء، فإذا لم يؤمر كان تخفيفاً. ومن أمر بالترك فامتثل الأمر، لا يتوجه أن يؤمر بالقضاء (١)، وهذا يشكل لفصل الصوم، فإن الحائض مأمورة بترك الصوم ثم تؤمر بالقضاء؛ إلا أن ذلك معدول به عن القياس اتباعاً للنص. والمواضع المستحقة للعلامات من الفصل بينة، والذي لا بأس بذكره قوله: "ولو ارتد ثم جن قضى أيام المجنون" ينبغي أن يعلم: قوله: "قضى" بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة لا قضاء في الرّدة فكيف يؤثر في إيجاب قضاء أيام المجنون؟

الفَصْلُ الثَّالِثُ

في الأَوْقَاتِ المَكْرُوهَةِ

قال الغزالي: وَهِيَ خَمْسَةٌ، بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ صَلاَةِ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَوَقْتُ الطُّلُوعِ إِلَى أَنْ يَرْتَفِعَ قُرْصُ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ الاسْتِوَاءِ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ، وَوَقْتُ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ إِلَى وَقْتِ تَمَامِ الغُرُوبِ.

قال الرافعي: الأوقات المكروهة خمسة: وقتان: تعلق النهي فيهما بالفعل، وهي بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشَّمْسُ.

روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلاَ صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ" (٢) ووجه تعلق النهي فيهما بالفعل أن صلاة التطوع فيهما مكروهة لمن صلى الصبح (٣) والعصر دون من لم يصلهما، ومن صلاهما، فإن عجلهما في أول الوقت طال في حقه وقت الكراهية، وإن أخرهما قصر.

وثلاثة أوقات: يتعلق النهي فيهما بالزمان:


(١) سقط في ب.
(٢) أخرجه البخاري (٥٨٦) ومسلم (٨٢٧).
(٣) في ط: الظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>