للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية: إذا قال: وكل عني، ففعل، فالثاني وكيل الموكل، كالأول، وله عزل أيهما شاء، وليس لواحد منهما عزل الآخر، ولا ينعزل بانعزال الآخر.

الثالثة: إذا قال: وكلتك بكذا، وأذنت لك في أن توكل به وكيلاً، ولم يقل: عني، ولا عن نفسك، ففيه وجهان:

أحدهما: أن الحكم، كما في الصورة الأولى؛ لأن المقصود في الإذن في التوكيل تسهيل الأمر عليه.

وأصحهما: أنه كالصورة الثانية؛ لأن التوكيل تصرف يتولاه بإذن الموكل، فيقع عنه، وإذا جوزنا للوكيل أن يوكل في صورة سكوت الموكل عنه، فينبغي أن يوكل عن موكله، قلو وكله عن نفسه، ففيه وجهان، وهذا لأن القرينة المجوزة للتوكيل، كالإذن في مطلق التوكيل، ويشترط على الوكيل حيث ملك التوكيل أن يوكل أميناً؛ رعاية لمصلحة الموكل، إلاَّ أنْ يعين له من ليس بأمين، ولو وَكَّلَ أميناً، ففسق، فهل له عزله؟ فيه وجهان.

[فرع]

إذ وكله بتصرف، وقال له افعل فيه ماشئت، هل يكون ذلك كالإذن في التوكيل؟

فيه وجهان عن ابن سريج:

أصحهما: لا، وقوله: افعل ما شئت ينصرف إلى تصرفه بنفسه.

وقوله في الكتاب: "الوكيل بتصرف معين لا يوكل إلاَّ إذا أذن له فيه" -غير معمول بظاهره، بل المعنى إلاَّ إذا كان الموكل فيه ما لا يتأتى للوكيل مباشرته، فإن الظاهر جواز التوكيل، والحالة هذه كما تقرر. وقوله "فإن أطلق فثلاثة أوجه" هي حاصل ما يخرج من الطرق الثلاثة التي قدمناها.

واعلم أن الصورة المذكورة في أول الباب إلى هذه الغاية موضوعه في التوكيل المطلق، ومن هذا الموضع إلى آخره في التوكيل المقرون بضرب من التقييد.

قال الغزالي: الخَامِسَةُ: تَتَبُّعُ مُخَصَّصِاتِ المُوَكِّل، فَلَوْ قَالَ: بعْ من زَيْدٍ لم يبع مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ خَصَّصَ زَمَاناً تَعَيَّنَ، وإن خَصَّصَ سُوقاً يَتَفَاوَتُ بِهَا الفَرَضُ تَعيَّنَ وإِلاَّ فَلاَ، وَإِذَاً صَرَّحَ بِالنَّهْيِ عَنْ غَيْرِ المَخْصُوصِ امْتَنَعَ قَطْعاً، ولو قال بعْ بِمائَةِ يَبِيعُ بِمَا فَوْقَهُ إِلاَّ إِذَا نَهَاهُ عَنْهُ، وَلاَ يَبِيعُ بِمَا دُونَهُ بِحَالٍ، وَلَوْ: اشْتَرِ بِمائَةٍ يَشْتَرِي بِمَا دُوَنَهَا إِلاَّ إِذَا نَهَاهُ، وَلاَ يَشْتَري بِمَا فَوْقَهَا بِحَالٍ، وَلَوْ قَالَ: بعْ بِمائةٍ نَسِبئَةً فباع نقداً أو قال اشتر بمائة نقداً

<<  <  ج: ص:  >  >>