للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الوَقْفِ، وفَيهِ بَابَانِ

البَابُ الأَوَّلُ في أرْكَانِهِ وَمُصَحِّحَاتِهِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَهِيَ أَربَعَةٌ: الأَوَّلُ المَوْقُوفُ وَهُوَ كُلُّ مَمْلُوكٍ مُتَعَيَّنٍ يَحْصُلُ مِنْهُ فَائِدَةٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ لاَ يَفُوتُ العَيْنُ بِاسْتِيفَائِهَا، فَيَجُوزُ وَقْفُ العِقَارِ وَالمَنْقُولِ (ح م) وَالشَّائِعِ وَالمُفْرَزِ، وَيَجُوزُ وَقْفُ الأَشْجَارِ لِثِمَارِهَا، وَالحَيَوانِ (ح) لأَلبَانِهَا وَأَصْوَافِهَا، وَالأَرَاضِيَ لِمَنَافِعِهَا، وَلاَ يَجُوزُ وَقْفُ الحُرِّ نَفْسَهُ، وَلاَ وَقْفُ الدَّارِ المُسْتَأْجَرَةِ، وَلاَ يَجُوزُ وَقْفُ المُوصَى بخِدْمَتِهِ؛ لأنَّهُ لاَ مِلْكَ في الرَّقَبَةِ، وَفِي وَقْفِ المُسْتَوْلَدَةِ وَالكَلْبِ (و) خِلاَفٌ، سَبَبة التَّرَدُّدُ فِي أَنَّ الوَقْفَ هَلْ يُزِيلُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ؟ وَيَجُوزُ وَقْفُ الحُلِيِّ لِلُّبْسِ، وَوَقْفُ الدَّرَاهِمِ لِلتَّزْيِينِ فِيهِ تَرَدُّدُ كَمَا فِي الإِجَارَةِ، وَلاَ يَجُوزُ وَقْفُ الطَّعَامِ فَإنَّ مَنْفَعَته فِي اسْتِهْلاَكِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قَسَّم الشَّافِعَيُّ -رضي الله عنه- العَطَايَا، فقال: تبرُّع الإنسان على الغَيْر بمالِهِ ينقسم إلَى منَجَّزٍ في الحياة، وإلَى معلَّقٍ بالمَوْت.

والثاني: هو الوصيَّةُ، والأوَّل: ضَرْبَانِ:

أحدُهما: تمليكٌ محْصنٌ؛ كالهباتِ والصَّدَقَات.

والثاني: الوقْفُ (١) -وهو مقصود الباب- وُيسَمَّى وقْفاً؛ لما فيه من وَقْف، المال


(١) فهو لغة: الحبس، مصدر وقفت أقف: حبست.
قال عنترة:
وَوقَفَتْ فيْهَا نَاقَتِي فَكَأَنَّهَا ... فدق لأقضي حاجة المتلوم
فمن الموقف؛ لأن الناس يوقفون أي: يحبسون للحساب، وهو أحدها جاء على "فعلة مفعل"، يأتي لازماً ومتعدياً، ويجتمعان في قول القائل: وقفت زيداً، أو الحمار فوقف، وأما أوقفة بالهمز، فلغة رديئة.
وقال أبو الفتح بن جني: أخبرني أبو علي الفارسي عن أبي بكر عن أبي العباس عن أبي عثمان المازني قال: يقال: وقفت داري وأرضي، ولا يعرف "أوقفت" في كلام العرب.
وقال الجوهري: وليس في الكلام أوقفت إلا حرفاً واحداً، "أوقفت على الأمر الذي كنت =

<<  <  ج: ص:  >  >>