للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحُّهما: أنه (١) لا يَثْبُت، وتصدَّق فيه الجاني؛ لأنه يقول: رفَعت الحاجز، حتَّى لا يلْزَمُني أرشان، بل يعود الأوَّلان إلى واحِدٍ، فإن لم يُقْبَل قوله في الاتحاد، وجَب أن لا يُقْبل في الثالث الذي لم يَنْصُت موجِبهُ، ولو وجدْنا الحاجز بينهما مرتفعاً، وقال الجاني: رفعْتُه أنا أو ارتفع بالسراية، وقال المجنيُّ عليه: بل رفعه آخر أو رفعتُه أنا، فالظاهر تصديق المجنيِّ عليه؛ لأن المُوضِحَتَيْنِ توجبان أرشَيْنِ، والظاهر بثبوتِهِما واستمرارهما، ولو كان الموجود موضحة واحدةً، وقال الجاني: هكذا أوضحْتُ، وقال المجنيُّ عليه: أوضحْتُ موضحتين، وأنا رفعتُ الحاجز بينهما، فالقولُ قول الجاني؛ لأن الأصل براءة الذمة، ولم يوجد ما يقتضي وجوبَ (٢) الزيادة.

وقوله في الكتاب: "فيُخَرَّج التصديق على تَقَابُلِ الأصلَيْن" يعني "فيه قولان" ونحوه قوله: "فهو خارج على تقابل الأصلَيْن". وهذا تمام الكلام في الفنِّ الأوَّل.

الفَنُّ الثَّانِي في حُكْمِ القِصَاصِ الوَاجِبِ

وَفِيهِ بَابَانِ:

البَابُ الأَوَّلُ فِي الاسْتِيفَاءِ

وَفِيهِ ثَلاثَةُ فُصُولٍ:

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الفَصْلُ الأَوَّلُ فِيمَنْ لَهُ وِلاَيَةُ الاسْتِيفَاءِ فَإنْ كَانَ القَتِيلُ وَاحِداً فَهوَ لِكُلِّ الوَرَثَةِ عَلَى فرَائِضِ الله تَعَالَى فَإنْ كَانَ فِيهِمْ مَجْنُونٌ أَوْ صَغِيرٌ انْتُظِرَ (ح م) تَكْلِيفُهُ، وإنْ كَانَ فِيهِمْ غَائِبٌ انْتُظِرَ حُضُورُهُ، فَإنْ تَزَاحَمُوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَلِغَيْرِهِ مَنْعُهُ مِنْ أَصْلِ الاسْتِيفَاءِ، وَيَدْخُلُ فِي القُرْعَةِ المَرْأَةُ وَالعَاجِزُ عَلَى أَحدِ الوَجْهَيْنِ لِيَسْتَنِيبَ إِنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ.


(١) صورة المسألة أن يوضح الجمع عمداً، أما لو أوضح موضحتين عمداً ورفع الحاجز بينهما خطأ قلنا بالصحيح أنه لو رفعه عمداً تداخل الأرشان فهل يلزمه أرش ثالث أم لا يلزمه إلا أرش واحد وجهان قال الشيخ في زيادته أرجحهما أرش فقط ذكره في الباب الثاني في دية ما دون النفس في السبب الرابع في اختلاف الحكم.
(٢) قال النووي: باب الاختلاف واسع، وإنما أشار هنا إلى مسائل منه، وباقيها مفرق في مواضعه، ومنها: لو قطع أصبعه، فداوى جرحه وسقطت الكف، فقال الجاني: تآكل بالدواء، وقال المجني عليه: بل تآكل بسبب القطع، قال المتولي: نسأل أهل الخبرة، فإن قالوا: هذا الدواء يأكل اللحم الحي والميت، صدق الجاني، وإن قالوا: لا يأكل الحي، صدق المجني عليه، وإن اشتبه الحال، صدق المجني عليه؛ لأنه أعرف به، ولا يتداوى في العادة بما يأكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>