للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وعندي لا يجوز؛ لأنها إنما أذنت له لا للقاضي.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الخَامِسُ في التَّوْكِيلِ)، وَلِلْمُجْبِرِ أنْ يوَكِّلَ وَعَلَيْهِ تَعْيِينُ الزَّوْجِ في قَوْلٍ، وَإِذَا أَذِنَتْ لِغيْرِ الْمُجْبِرِ مِنْ غَيْرِ تَعْيينِ زَوْجٍ جَازَ في أَقْوَى القَوْلَيْنِ، وَإِذَا قَالَتْ: زَوِّجْنِي مِمَّنُ شِئْتَ لَمْ يُزَوِّجْ إِلاَّ مِنْ كُفْءٍ، وَإِذَا مَنَعَتْ غَيْرَ الْمُجْبِرِ مِنَ التَّوْكِيلَ لَمْ يُوَكَّلْ، وَإِنْ أَطْلَقَتِ الإِذْنَ كانَ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي أَحَدِ الوَجْهَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: التَّوْكِيلُ بالتزويج، وَالتَّزْوُجُ جائِزٌ لِمَا مَرَّ في كتاب الوكالة، ثم الولي لا يخلو إما أن يكون متمكناً من الإِجبار، أو لا يكون فإن تمكن من الإجبار، فَلَهُ التَّوْكِيلُ من غير إذن الْمَرْأَةِ.

وفي كتاب الحَنَّاطِيِّ وجه: أنه لا بُدَّ من إذنها وعلى هذا فلو كانت صغيرة امتنع التوكيل بتزويجها، وهكذا حَكَى القَاضِي ابنُ كَجٍّ عن رواية القاضي أَبِي حَامِدٍ وَالْمَذْهَبُ الأَوَّلُ.

وإذا وكل فهل يشترط تَعْيِينُ الزوج؟.

فيه قولان -ويقال وجهان:

أحدهما: ويحكى عن نصِّهِ في "الإِملاء"-: نَعَمْ لإختلافِ الأَغْرَاضِ باختلاف الأزواج، وليس للوكيل شفقة داعية إلى حُسْنِ الاخْتِيَارِ.

وأصحهما: أنَّهُ لا يشترط؛ لأنه يَمْلِكُ التَّعْييْنَ في التوكيل، فيملك الإِطلاق كما في "البيع"، وسائر التصرفات، وشفقته تدعوه إلى ألا يوكل إلاَّ من يثق بنظره واختياره، وأجرى هذا الخلاف في إذن الثَّيِّب في النِّكَاح وفي إذن الْبِكْرِ لغير الأب والجد هل يشترط فيه التعيين.

ومنهم من قطع هاهنا بعَدَمِ الاشْتِرَاطِ فرقًا بِأَنَّ الأِذْنَ للولي يصادف من يعتني بدفع الْعَارِ عن النَسَبِ، ويحافظ على المصلحة، والتفويض إلى الوكيل بخلافه قَالَ الإِمَامُ: وَظَاهِرُ كَلاَمِ الأَصْحَابِ يقتضي طَرْدُ الْخِلاَفِ، وإن رَضيتِ الْمَرْأَةُ بترك الكفاءة لكَن الْقِيَاسَ تخصيص الخلاَفِ فيما إذا لم تَرْضَ به، فَأَمَّا إذا أسقطت الْكَفَاءَةَ، ولم تطلب الحظ، فلا معنى لإعتبار التعيين، وإن جَوَّزْنَا التَّوْكِيلُ الْمُطْلَق فَعَلَى الْوَكِيلِ رِعَايَة النَّظَرِ، فَلَو زَوَّجَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَصْح.

وفي كِتَاب القاضي ابنُ كَجٍّ وَجْهٌ آخَرُ: أنه يصح، ولها الْخِيَارُ فإن كانت صغيرة خُيِّرَتْ عَنْدَ البُلُوغ، ولو خطب كفئان وأحدهما أشرف فزوج من الآخر لم يصح، وإذا جوزنا الإِذن المطلق فلو قالت: زوجني مِمَّنْ شِئْتَ، فهل له تزويجها من غير كُفْءٍ فيه وَجْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>