أحدهما: أنهما يتساقطان، فكأنه لا بينة لواحد منهما.
والثاني: أنهما يستعملان، وفي كيفيته أقوال:
أحدها: القرعة، فعلى هذا فمن خرجت قرعته أخذ نصيب الآخر بالشفعة.
والثاني: القسمة، ولا فائدة لها هاهنا إلاَّ أن تكون الشركة بينهما على التفاوت فيكون النصف مقيداً.
والثالث: الوقف، وعلى هذا يوقف حق التملك إلى أن يظهر الحال.
ومنهم من لم يجر قول الوقف هاهنا وقال: لا معنى للوقف كون الدار في يدهما، ولو عينت كل واحدة من البينتين وقتاً واحداً، فلا تنافي بينهما لاحتمال وقوع العقدين معاً، ولا شفعة لواحد منهما؛ لأنا تَبَيَّنَّا وقوع العقدين معاً. وفيه وجه: أنهما يسقطان؛ لأن واحدة منهما لم تتعرض لمقصود مقيمها، فكأنه لا بينة.
البَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الأَخْذِ
قال الغزالي: وَالنَظَّرُ فِي أَطْرَافٍ ثَلاَثَةٍ: الأَوَّلُ فِيمَا لاَ يُمَلَكُ بِهِ فَلاَ يُمْلَكُ بِقَوْلِهِ: أَخَذْتُ وَتَمَلَّكْتُ، وَلَكِنْ يُمْلَكُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ المُشْتَرِي بِهِ، أَوْ بِتَسْلِيمِ المُشْتَري الشَّقْصَ إِلَيْهِ رِضْاً بِكَوْنِ الثَمَّنِ في ذِمَّتِهِ، وَهَلْ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ رِضَا المُشْتَرِي دُونَ التَّسْلِيمِ، أَوْ بِقَضَاءِ القَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الطَّلَبَ، أَوْ بِمُجَرَّدِ الإِشْهَادِ عَلَى الطَّلَبِ؟ فِيهِ خِلاَفٌ، الأظْهَرُ: أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ.
قال الرافعي: حق الشفعة قد يثبت لواحد، وقد يثبت لجماعة، وعلى التقديرين فلا شك أن الأخذ بها ضرب تملُّك بعرض، فالحاجة إلى بيان ما يحصل به الملك، وبيان العوض المبذول، وبيان الأحكام العارضة باعتبار تعدُّد المستحق، فعقد لهذه الأمور أطرافاً:
فأما الأول: فلا يشترط في التمليك بالشفعة حكم الحاكم، ولا إحضار الثمن، ولا حضور المشتري ورضاه.
أما الأول: فلأنه ثابت بالنص فيستغني عن حكم الحاكم.
وأما الثاني: فلأنه تملك بعوض، فلا يفتقر إلى إحضار العوض كالبيع.
وأما الثالث: فلما ذكرنا في الرَّد بالعيب.
وعند أبي حَنِيْفَةَ يعتبر حضور المشتري، أو حكم الحاكم، ولا يحكم الحاكم، إلاَّ إذا حضر الثمن.