وقولُه: فَقَدْ قِيلَ: إنَّه يلتَقِطُه" هو أظهر الوجْهَيْن في المَسْألة، ويجوز إعلامُه، فقَدْ قِيلَ بالواو؛ لما سبق من القَطْع بالجوازِ في طريقة، وبالمَنْعِ في أخْرَى، ثم اعْتَبَرَ الأئمَّةُ في اللُّقْطةِ أُمُوراً لم يتعرَّضْ لها في الكِتَابِ.
أَحَدُهَا: أنْ يَكُون شَيْئًا ضاعَ عَنْ مالكه لسقوطٍ أو غَفْلَةٍ، فأمَّا إذا ألْقَتِ الريحُ ثَوْباً في حجْرِه، أو ألقَى إلَيْهِ رَجُلٌ في هَرَبهِ كيساً، ولم يَعْرفْ مَنْ هُوَ، أو ماتَ مورِّثُه عَنْ ودائع، وهو لا يَعْرفُ ملاَّكَها، فهو مالٌ ضائعٌ يُحْفَظُ ولا يُتَملَّكُ.
ولو وَجَدَ دَفِيناً في الأرْضِ، فالقَوْل في أنَّه رِكَازٌ، أو لُقَطَةٌ، كَمَا مَرَّ في الزَّكَاة.
والثَّاني: أنْ يُوجَدَ في مَوَاتٍ أو شارعٍ أو مسجدٍ، أمَّا، إذا وُجِدَ في أرْضٍ مملوكةٍ، قال في التَّتِمَّة: لا يُؤْخَذُ للتملّك بَعْد التَّعْريف، لكنَّه لصاحب اليَدِ في الأرْض، فإنْ لم يَدَعْهُ، فلِمَنْ كانت في يده قَبْلَه، وهكذا إلن أن ينتهِيَ الأمْرُ إلىَ المُحْيِي، فإنْ لم يدَعْهُ، فحينئذ يكونَ لُقَطَةً.
والثالثُ: أنَّهُ يوجد في دَارِ الإسْلاَم، أو في دَارِ الحَرْب وفيها مسلمون، أمَّا إذا لم يكنْ فيها مسلم مما يُوجُدُ فيها غنيمةٌ؛ خُمُسُهَا لأهلِ الخُمُس، والباقي للواجِدِ، ذَكَرَهُ صاحبُ "التهذيب" وغيرُه، وَحَكَمَ صاحبُ الكتاب في "السِّيَرِ" بأن اللُّقَطَةَ التي تُوجَدُ في دارِ الحرْبِ لآخِذِهَا مُطلَقاً، وسيأتِي الشَّرْحُ علَيْه إنَّ شاءَ اللهُ تَعَالَى.