للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ القَسْمِ وَالنُّشُوزِ (١) وَفِيهِ فُصُولٌ

(الأَوَّلُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ القَسْمَ): وَلاَ يَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَكِنْ يُسْتَحَبُ ذَلِكَ لِتَحْصِينَها. وَلاَ يَجِبُ القَسْمُ بَيْنَ المُسْتَولَدَاتِ وَبيْنَ الإِمَاءِ وَلاَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ المَنْكُوحَاتِ. لَكِنَّ الأَوْلَى العَدْلُ وَكَفُّ الإِيذَاءِ. وَمَنْ لَهُ مَنْكُوحَاتٌ فَإنْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ جَازَ. وَإِنْ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ وَاحِدَةٍ لَزِمَهُ مِثْلُهَا لِلبَاقِيَاتِ.

قال الرافعي: النكاح مناطُ حقوقِ الزوج على الزوجة، كالطاعة، والمقام في المسكن، وحقوق الزوجة على الزوج؛ كالمهر، والنفقة، والمعاشرة بالمعروف؛ قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] وأراد مماثلتهما في


(١) لما أباح الله سبحات وتعالى للزوج التعدد إلى أربع تلمس المضللون من ذلك طريقاً للطعن علي الدين الإِسلامي زاعمين بحسب أهوائهم الفاسدة وما سولت لهم نفوسهم الخبيثة أنه في هذا ضياعاً لحق المرأة ولحوق الضرر بها وسوء العشرة معها، ودين هذا شأنه ليس بالدين المستقيم بل هو دين الظلم والاستعباد، ولبئس ما قالوا فقد افتروا على الدين الإِسلامي بجهالتهم وضلالتهم وقلة تدبرهم وما نشأ هذا والعياذ بالله إلا من عمى بصيرتهم {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} إذ لو تاملوا ولو قليلاً لوجدوا الدين الإِسلامي هو دين الشفقة والرحمة والعطف والرأفة فما أباح التعدد إلا لمصلحة قويمة يعرفها ذوو الذوق السليم ولم يترك للظلم أثراً في هذا السبيل بل أبان الطريق الذي يسلكه زوج الزوجات حتى لم يبقى للجور مجال.
فالشارع الحكيم لم يبح تعدد الزوجات مطلقاً بل قرنه بما يرفع الجور والظلم قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فأنك تفهم من معنى الآية أن الله سبحانه وتعالى حرم الزيادة على واحدة إذا خيف عدم العدل لو جمع بين اثنتين أو أكثر ومنه يعلم أن العدل واجب.
القسم والنشوز:
القسم بفتح القاف مع سكون السين بمعنى العدل بين الزوجات في المبيت وهو المراد هنا ومع فتح السين اليمين (وبكسر القاف)، وبكسر القاف مع سكون السين بمعنى الخط والنصيب ومع فتح السين جمع قسمة وقد تطلق على النصيب أيضاً والنشوز من نشز إذا ارتفع لأن فيه ارتفاعاً عن أداء الحق الواجب فالزوجة إذا امتنعت عن أداء ما وجب عليها تسمى ناشزة وإذا امتنع الزوج عن أداء ما وجب عليه يسمى متفدياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>