للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِسْمُ الثَّالثُ مِنْ كِتَابِ الحَجِّ فِي اللَّوَاحِقِ

وَفِيهِ بَابَانِ

الأَوَّلُ فِي مَوَانِعِ الحَجِّ

قال الغزالي: وَهِيَ سِتَّةٌ: الأَوَّلُ: الإحْصَارُ وَهُوَ مُبِيحٌ للتَّحَلُّلِ مَهْمَا احْتَاجَ فِي الدَّفْعِ إِلَى قِتَالٍ أَوْ بَذلِ مَالٍ، وَإِنْ كَانُوا كُفَّاراً وَجَبَ القِتَالُ إِلاَّ إِذَا زَادُوا علَى الضِّعْفِ، وَلَوْ أَحَاطَ العَدُوُّ مِنَ الجَوَانِبِ لَمْ يَتَحَلَّلْ عَلَى قَوْلٍ لِأَنَّهُ لاَ يُرِيحُ مِنْهُ التَّحَلُّلُ كَمَا لاَ يَتَحَلَّلُ بالمَرَضِ (ح)، وَلَوْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ عِنْدَ المَرَضِ فَفِي جَوَازِ التَّحَلُّل قَوْلان.

قال الرافعي: كان حجة الإسلام -رحمه الله- قد قسم كتاب الحَجِّ إِلَى ثَلاثَة أقسام: المقدمات، والمقاصد وقد حصل الفراغ منهما.

والثالث: اللواحق، وفيه بابان ترجم أولهما بموانع الحج، ولم يرد بها موانع وجوبه أو الشروع فيه، وإنما أراد العَوَارِض التي تعرض بعد الشروع فيه وتمنع من إتمامه، وهي فيما عدّها ستة أنواع:

أحدها: الإحْصَار (١)، فإذا أَحْصَر العَدُو المُحْرِمين عن المُضِي في الحج من جميع الطرق كان لهم أن يتحلَّلُوا؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أُحْصِرَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٢).

والمعنى: فإن أَحْصِرتم فتحللتم، أو أردتم التَّحَلُّل فما استيسر من الهدى، فإن


(١) تقول العرب أحصره إحصاراً وحصره حصراً أي منعه لكن الأشهر كما قاله أن يقال أحصر بالهمزة وحصره العدو بلا همز، وقيل حصر وأحصر فيهما. وأما من الاصطلاح، فهو المنع عن إتمام أركان الحج أو العمرة واحترزنا بالأركان عما لو منع من الرمي والمبيت، فإنه لا يجوز له التحلل كما نقله في شرح المهذب عن الروياني وغيره لأنه يتعلق في التحلل بالطواف والحلق. ويقع حجه مجزئاً عن حجة الإسلام ويجبر الرمي والمبيت.
(٢) أخرجه البخاري (١٨٠٩) عن ابن عباس (١٦٣٩، ١٦٤٠) (١٦٩٣)، (١٦٤٠، ١٦٩٣، ١٧٠٨، ١٧٢٩، ١٨٠٦، ١٨٠٧، ١٨٠٨، ١٨١٠، ١٨١٢، ١٨١٣، ٤١٨٣، ٤١٨٤، ٤١٨٥) وقول: فأنزل الله الخ، صحيح مشهور بالاتفاق، كما قاله الشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>