للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستحب الدعاء بين الآذان والإقامة، وأن يتحول المؤذن، إلى موضع آخر للإقامة.

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الاسْتِقْبَالِ

قال الغزالي: وَالنَّظَرُ فِيهِ فِي أَرْكَان ثَلاَثةِ: الأَوَّلُ الصَّلاَةُ وَيَتَعَيَّنُ الاسْتِقْبَالُ فِي فَرَائضِهَا (و) إلاَّ فِي القِتَالِ، فَلاَ تُؤَدَّى فَرِيضَةٌ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَلاَ مَنْذُورَةٌ إنْ قُلْنَا: يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَلاَ صَلاَةُ جَنَازَةٍ، (ح) لِأَنَّ الرُّكْنَ الأَظْهَرَ فِيهَا القِيَامُ.

قال الرافعي: قال الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} (١) الآية.

وروي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "دَخَلَ الْبَيْتَ وَدَعَا فِي نَوَاحِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قِبَلِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: هذِه الْقِبْلَةُ" (٢).

واعلم أن الاستقبال يفتقر إلى مُسْتَقْبِل، ومُسْتَقْبَل وهو المسمى قبله، ولا بد من حالة يقع فيها الاستقبال، ومعلوم أن الاستقبال لا يجب في غير حالة الصلاة والحاجة تمس إلى الكلام في الأمور الثلاثة، فلذلك قال: "والنظر فيه في ثلاثة أركان، وهي الصلاة، والقبلة والمستقبل".

أولها: الصلاة، وتنقسم إلى فرائض ونوافل:

أما الفرائض: فيتعين الاستقبال فيها إلا في حالة واحدة وهي حالة شدة الخوف في القتال، فإنه يأتي بها بحسب الإمكان، قال الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (٣).

قال: ابن عمر -رضي الله عنهما-: "مُسْتَقْبِلي الْقِبْلَةِ، وَغَيْرِ مُسْتَقْبِلِهَا".

قال نافع: لا أراه ذكر ذلك إلا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٤) وقوله في الكتاب: (إلا في القتال) يعني به حالة شدة الخوف لا مطلق القتال، ثم الشرط أن يكون القتال مباحًا على ما سيأتي في "صلاة الخوف" إن شاء الله تعالى، ويلتحق بهذا الخوف ما إذا انكسرت السفينة فبقي على لوح منها وخاف الغرق لو ثبت على وجه القبلة، وكذلك سائر وجوه الخوف، فليس القتال معنياً لعينه، وإنما المعتبر الخوف.


(١) سورة البقرة، آية ١٤٤.
(٢) أخرجه البخاري (٣٩٨) ومسلم (٣٩٥ - ١٣٣٠).
(٣) سورة البقرة، الآية ٢٣٩.
(٤) أخرجه البخاري (٤٥٣٥) وقال البيهقي: هو ثابت من جهة موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. انظر الخلاصة (١/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>