للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولَى، وإن منعْنَاه ففي الوصيَّة وجهان.

والفَرْق أن الزكاةَ مطمح نظر الفقراء؛ من حيث إِنَّها موظَّفة دارِهِ، والوصية بخلافه، ولهذا يجوز تقييدُ الوصيَّة بمساكين سائر البلاد.

والطريق الثاني: وهو المذكور في الكتاب، لكنِ الاكثرُونَ أوردُوا الأول، وهو الذي يدُلُّ عليه نص الشَّافعيِّ -رضي الله عنه- فإنَّه نصَّ في "المختصر" ههنا على منع النقل، وهو جواب منه على أحد القَوليْن، وإذا قَلْنا: لا يجوز النقل، فلو لم يكُنْ في تلك البلدة فقير، فتنتقل كالزكاة أو تبطُلُ الوصية؟ فيه وجهان في بعض الشُّروح، ولو عين فقراء بلده، ولم يكن فيه فقيرٌ، بطَلَت الوصيةُ (١) كما لو أوصَى لولدِ فلانٍ، ولا وَلَدَ له، والله أعْلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: القِسْمُ الثَّالِثُ فِيَ المسَائِلِ الحِسَابِيَّةِ، إِذَا قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِمثْلِ نَصِيبِ ابْنَيَّ أَوْ بِنَصِيبِ (ح و) ابْنَيَّ وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ فَهُو وَصِيَّةٌ بِالنِّصْفِ (و)، وَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْصَى بِنَصِيبِ وَاحِدٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ (م)، وَإِنْ كَانُوا ثَلاثَةً فَبالرُّبُعِ (م) وَبِالجُمْلَةِ يَسَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَنِينَ في القِسْمَةِ، وَكَذَا إِذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الحَالِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ أعْطِيَ مِثْلَ سَهْمٍ أَقَلَّهِم نَصِيبًا (م)، وَلَوْ أَوْصَى بِضِعْفِ نَصِيبِ وَلَدِهِ أُعْطِيَ مِثلَ مَا أَعْطَى وَلَدَهُ مَرَّتَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المسائلُ الحسابيَّةُ من الوصايا طويلةٌ كثيرةُ الاِنْشِعَاب، ولذلك جعَلُوها مع سائر المَسَائِلِ الدَّوْرِيَّةِ؛ عِلْمًا برأسه، وأَفردوه بالتدْرِيس والتصنيف، ولم يورد صاحب الكتاب في هذا القِسْم إلاَّ مسائل معدودة، فالوَجْه أنْ نشْرَحَها ونضُمَّ إِليها ما لا بُدَّ منْه في الباب من الإيجاز وبالله التوفيق.

فمما ذكره: إذا أوصَى بمثل نصيبِ ابنه، وله ابن واحدٌ لا يرثه سواه، فالوصيةُ


(١) فيه أمران:
أحدهما: ما جزم به من البطلان مشكل بما لو أوصى للرقاب ولم يكن في الدنيا مكاتب ففي البحر عن نص الشَّافعي أنه يوقف الثلث حتى يوجد الاحتمال بالكتابة فيما بعد. قال: ويحتمل بطلان الوصية وهو قوي لما في الوقف من الأضرار بالوارث. وقد ذكر النووي من زوائده في آخر كتاب الحج قبل باب الهدى ما يخالف المذكور هنا.
الثاني: سكت عما إذا كان فيه فقير واحد فلا بد من صرف شيء لله، وهل هو الثلث أو غيره لله أن يكون على الخلاف فيما إذا أوصى لذوي قرابته، وليس له الأقرب واحد وتبع صاحب المطلب ذلك القسم الثالث. قاله الزركشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>