الدار مشتركة بين شخصين، وهما حاضران، أو أحدهما، والمستعير من الآخر فلا يتقدم غيرهما إلا بإذنهما، ولا أحدهما إلا بإذن الآخر، وإن لم يحضر إلا أحدهما فهو الأخرى، ولو اجتمع مالك الدار والمكتري فأيهما أولى؟ فيه وجهان نقلهما القاضي الروياني وغيره:
أصحهما -وهو المذكور في الكتاب-: أن المكتري أولى؛ لأن استحقاق المنافع له، وهذا استيفاء للمنافع.
والثاني: أن المكري أولى؛ لأنه المالك للرقبة، ولو اجتمع المعير والمستعير، فقد نقل عن القفال اختلاف الجواب فيه، قال مرة: المعير أولى؛ لأنه يملك الرقبة ويملك الرجوع في المنفعة، وقال مرة: المستعير أولى؛ لأنه صاحب السكنى، إلى أن يمنع وهذا ما ذكره آخراً، ورجع إليه، ولم يورد صاحب "التهذيب" سواه، لكن الأظهر، عند الأئمة الأول، وهو الذي ذكره في الكتاب، وأما إذا اجتمع السيد والعبد السَّاكن فالسيد أولى، ولا يجيء في الخلاف المذكور في المعير والمستعير؛ لأن فائدة السكون، لم ترجع إلى المستعير فيجوز أن يدام له الحق، ما لم يرجع المعير، وفائدة سكون العبد في الدَّارِ ترجع إلى السيد أيضاً؛ لأنه ملكه فإذا حضر وهو المالك والمنتفع بالسكون كان أولى؛ ولا فرق بين المأذون في التجارة وغيره، ولو حضر السيد والمكاتب في دار المكاتب فالمكاتب أولى، ولو حضر قَوْمٌ في مسجد له إمام راتب فهو أولى من غيره، فإن لم يحضر بعد، يستحب أن يبعث إليه ليحضر، فإن خيف فوات أول الوقت استحب أن يتقدم غيره.