للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الغزالي:

كِتَابُ صَلاَةِ الخُسُوفِ

وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلاَ تُكْرَهُ إلاَّ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهِيَةِ، وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ (ح) وَقِيَامَانِ، فَإِنْ تَمَادَى الْكُسُوفُ فَهَلْ يَجُوزُ زَيَادَةُ ثَالِثَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَإنْ أَسْرَعَ الانْجِلاَء فَهَلْ يُقْتَصَرُ عَلَى وَاحِدَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

قال الرافعي: قال الله سبحانه وتعالى: {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} (١). قال بعض المفسرين: أراد به صلاة الخُسوف والكسوف. وقال أبو بكرة: "كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا فَصَلَّى بِنَا رُكْعَتَيْنِ، حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتٍ أَحَدٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ" (٢). صلاة الكُسوف والخُسوف سنّة مؤكدة، ولا فرق في استحبابها بين أوقات الكراهة وغيرها؛ لأن لها سببًا خلافاً لمالك وأبي حنيفة، وتفصيل مذهبهما ما قدمناه في "فصل الأوقات المكروهة" ثم الكلام في أقلّ هذه الصّلاة وأكملها.

أما أقلها فهو أن يتحرّم بنيّة صلاة الكسوف ويقرأ الفاتحة، ثم يركع ثم يرفع فيقرأ الفاتحة ثم يركع مرة أخرى ثم يرفع ويطمئن ثم يسجد، وكذلك يفعل في الركعة الثانية فهي إذاً ركعتان في كل ركعة قيامان وركوعان كما ذكر في الكتاب، وقراءة الفاتحة في كل ركعة مرتين من حدّ الأقلّ أيضاً. وقوله: "ركوعان وقيامان" معلم بالحاء والألف.

أما الحاء فلأن أبا حنيفة يقول: ركعتان كسائر الصلوات لكي يطول فيها القراءة.

وأما الألف فلأن في رواية عن أحمد يركع في كل ركعة ثلاث مرات، والأظهر عنه مثل مذهبنا. لما رِوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "رَكَع أَرْبَعَ رُكُوعَاتٍ في رَكْعَتَيْنِ وَأْرْبَعَ سَجَدَاتٍ" (٣). وقد اشتهرت الرواية عن فعل رسول الله.


(١) سورة فصلت، الآية ٣٧.
(٢) أخرجه البخاري (١٠٤٠) (١٠٤٨، ١٠٦٢، ١٠٦٣، ٥٧٨٥)، وأخرجه النسائي (٣/ ١٢٤)، والبيهقي (٣/ ٣٣٧).
(٣) أخرجه البخاري (٢٩، ٤٣١، ٧٤٨، ١٠٥٢، ٣٢٠٢، ٥١٩٧) ومسلم (٩٠٧، ٩٠٨، ٩٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>