للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعلمه مُكِّن من ذلك أيضاً ولو قال: أكرهني السلطانُ على الحُكْم بقولِهِمَا، وكنت أعرفُ فِسْقَهما، قُبِل قولهُ مِنْ غيْر بيِّنة الإِكْرَاه، ولو بان بالبينة أن الشاهدَيْن كانا والدَيْنِ للمشهود له، أو ولَدَيْن، أو عدُوَّيْنِ للمشهود عليه، فكذلك ينقض الحكم، والله أعلم.

الْبَابُ الثَّانِي فِي العَدَدِ وَالذُّكُورَةِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلاَ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ إِلاَّ فِي هِلاَلِ رَمَضَانَ عَلَى رَأْي، وَلَكِنْ لِلشَّهَادَات ثَلاَثُ مَرَاتِبَ: الأُولَى: الزِّنَا: وَبَجِبُ فِيهِ أَرْبَعَةَ عُدُولٍ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا كالمِرْوَدِ فِي المُكْحُلَةِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلْعَدْلِ النَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَةِ قَصْداً لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ؟ فِيهِ ثَلاَثةُ أَوْجُهٍ، وَفِي الثَّالِثِ لاَ يَجُوزُ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا، وَيَجُوزُ فِي عُيُونِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهَا، وَهَلْ يَثْبُتُ الإِقْرَارُ بِالزِّنَا بِشَاِهدَيْنِ أَمْ لاَ بُدَّ من أَرْبَعَةٍ فِيهِ قَوْلاَنِ، وإِنْ لَمْ يُوجَبْ بِاللِّوَاطِ إِلاَّ التَّعْزِيرُ فَهَلْ يُحْتَاجُ إِلَى أَرْبَعَةِ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ.

قَالَ الرَّافِعِيَّ: مَقصودُ البَاب بيانُ العدَدِ المُعتَبَر في الشَّهَادات، ومواضِع اعتبارِ الذكورة، وعدَمِ اعتبارها.

واعْلَمْ أن قول الشاهِدِ الواحِدِ لا يكفي للحُكْم به، نعم، قدم الخلاف في أن هِلاَلَ رَمَضان، هَلْ يثبت بواحِدٍ (١) أم لا؟ وأنَّه إِنْ ثبت، فسبيله سبيلُ الشَّهادات، أم


(١) استدرك في المهمات ما لو شهد بإسلام الذمي قبل موته فإنه لا يحكم به بالنسبة إلى الإِرث وفي قبولها في الصلاة عليه وجهان مبنيان على القولين في هلال رمضان ونازعه في الخادمَ وقال إنه إخبار والذي في شرح المهذب كما قاله في المهمات، وزاد في الخادم مسائل:
منها: لو نذر صوم شعبان مثلاً فشهد واحد باستهلاله فوجهان في البحر مبنيان على أن النذر يسلك به مسلك جائز الشرع أو واجبه.
ومنها: لو شهد واحد بطلوع فجر رمضان، هل يلزمه الإِمساك عن الطعام أو لا بدّ من اثنين فيه احتمالان لوالد الروياني مبنيان على قبول شهادة الواحد في هلال رمضان حكاهما عنه قبل باب الأيام المنهي عن صيامها ومقتضاه ترجيح القبول.
ومنها: المسمع للخصم كلام القاضي أو الخصم يقبل فيه الواحد وهو من باب الشهادة كما ذكره الرافعي قبل باب القضاء على الغائب.
ومنها: سبق أن القاضي يكتفي بقول العون في امتناع الخصم المتعذر من الحضور وتعذره بذلك.
ومنها: العيب في البيع يقبل فيه قول الواحد كما حكاه الرافعي في بابه عن التهذيب ثم حكي عن المتولي خلافه ولم يرجح شيئاً، واستدرك الشيخ بهاء الدين بن شداد الحلبي صورة أخرى فقال: وقد حكى كلام الذخائر في حصر الاستثناء في هلال رمضان، وعجيب منه هذا الكلام وقد تقدم تقديره أنه إذا أقام شاهداً واحداً استحق الحيلولة والوقف في صور متعددة وهو حق ثبت بالشاهد الواحد فلعله أراد بذلك أن هذه أمور متابعة لحقوق لا أنها مقصودة، انتهى. والعجب منه فإنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>