وبه قال مالك -رحمه الله تعالى- وكذا أحمد في أظهر الروايتين.
وقال أبو حنيفة: يجوز له جميع ذلك.
لنا القياس على الوصي؛ لأنه لا يبيع له إلاَّ بثمن المِثْلِ من نقد البلد حالاًّ، وأيضاً فإنه وكيل في عقد البيع، فتصرفه بالغبن لا يلزم الموكل، كالوكيل في الشراء، إذا اشترى بغبن فاحش، وأيضاً فإنه إذاً وأطلق كان الثمن حالاًّ، فإذا وكل بالبيع، وأطلق حمل على الثمن الحال.
ولنا: قول آخر أَن البيع على الوجه المذكور يصح موقوفاً، على إجازة الموكل، وهذا هو القول المنقول في بيع الفُضُوليِّ، والمذهب الأول، ولو كان في البلد نقدان، أحدهما أغلب، فعليه أن يبيع به، وإن استويا في المعاملة باع بما هو أنفع للموكل، فإن استويا تخير على المشهور.
وقال صاحب "التهذيب" بعد نقل التخيير: إذا استويا في المعاملة وجب إلاَّ يصح التوكيل مالم يبين، كما لو باع بدراهم، وفي البلد نقدان متساويان لا يصح حتى يقيد بأحدهما، ووجدت في كلام الشيخ أبِي حَامِدٍ مثل ما ذكره صاحب "التهذيب"، ثم إذا باع الوكيل في أحد الوجوه المذكورة لم يصر ضامناً للمال، مالم يسلمه إلى المشتري، فإن سلم ضمن، ثم القول فيه إذا كان البيع باقياً أو تالفاً في كيفية تغريم الوكيل والمشتري على ما بيناه فيما إذا باع العدل الرَّهْن بالغبن الفاحش، أو بغير نقد البلد أو بالنسيئة. وأما البيع بالغبن اليسير فإنه جائز، واليسير الذي يتغابن الناس بمثله ويحتملونه غالباً، وبيع ما يساوي عشرة بتسعة يحتمل في الغالب، وبيعه بثمانية غير محتمل (١).
قال الروياني: ويختلف القدر المحتمل باختلاف أجناس الأموال من الثياب والعبيد والعقارات، وغيرها، وكما يجوز أن ينقص الوكيل عن ثمن المثل لا يجوز أن يقتصر عليه، وهناك طلب للزيادة، ولو باع بثمن المثل، ثم ظهر في المجلس طالب يزيد، فالحكم ما مر بيع في عدل الرَّهْن والله اعلم.
[فرع]
إذا قال الموكل عند التوكيل: بعه بكم شئت، جاز له البيع بالغبن، ولا يجوز بالنسيئة، ولا بغير نقد البلد.
ولو قال: بما شئت، فله البيع بغير نقد البلد، ولا يجوز بالغين والنسيئة فلو قال:
(١) قال الأذرعي: ولا يقاس على ذلك العشرة في المائة، والمراد العرف ثم نقل عن ابن أبي الدم أن العشرة وإن سومح بها في المائة فلا يسامح بالمانة في الألف ولا بالألف في عشرة آلاف في عشرة آلاف، والصواب الرجوع فيه إلى العرف، ولا يتقيد بعشرة ولا غيرها.