للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: المنع: كما لا يجوز للصَّائِم أن يُكَفِّرَ قَبْلَ الإِفْطَارِ.

والقِسْمُ الثَّانِي: أن يَخْتَلِفَ النوع، كما إذَا لَبِسَ وَتَطَيَّبَ، فوجهان فِي تعدد الفِدْيَة، وإن اتحد المَكَانُ، وتواصَلَ الزَّمَانُ.

أحدهما: أنها لا تتعدد؛ لأن المَقْصد وَاحد. وهو الاستمتاع، ويحكى هذا عن ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةٍ.

وأصحهما: التَّعَدُّد؛ لتباين السَّبَبِ، ومنهم من نظر إلى اتحاد السَّبَبِ، وتعدده، كما قدمنا نظيره، وما ذكرنا كله في غَيْرِ الجِمَاع، أما إذا تكرر مِنْهُ الجِمَاعَ فقد ذكرنا حكمه من قبل.

هذا شَرْحُ الفَصْلِ، ولا تلمني على ما لحق مسائله من التقديم والتَّأخِير، فالَّذِي أوردته أحسن ما حَضَرَنِي مِنْ طُرُقِ الشَّرْحِ، وَفَوقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ.

ويجوز أن يُعَلَّم قوله: (وجزاء الصيود لا يتداخل أيضاً)، بالحاء، لأن عند أبي حنيفة -رحمه الله- أنها لا تتداخل إذَا قتلها، إلا عَلَى قَصْدِ رَفْضِ الإِحْرَامِ. فأما إذا قَتَلَهَا قَاصِداً رفض الإِحْرَام لَمْ يَجِبِ إِلاَّ جَزَاءٌ وَاحِدٌ.

قال الغزالي: النَّوْعُ السَّابعُ إتْلاَفُ الصَّيْدِ، وَيَحْرُمُ بِالْحَرَمِ وَالإِحْرَامِ كُلُّ صَيْدِ مَأْكُولٍ لَيْسَ مَائِيّاً مِنْ غَيْرِ فَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأنَسَاً (م) أَوْ وَحْشِيًّا مَمْلُوكَاً أو مُبَاحاً (م)، وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِأَجْزَائِهِ وَلبَيْضِهِ، وَمَا لَيْسَ مَأْكُولاً فلاَ جَزَاءَ فِيهِ (ح) إلاَّ إِذَا كَانَ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِ مَأْكُولٍ، وَصَيْدُ البَحْر حَلاَلٌ.

قال الرافعي: من محظورات الإحرام الاصطياد. قال الله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (١) وقال الله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (٢) (٣).


(١) سورة المائدة، الآية ٩٥.
(٢) سورة المائدة، الآية ٩٦.
(٣) وهذا الاستدلال إنما عم على تقدير أن يكون المولد في الآية بالصيد إنما هو المصدر، ولكن الذي يقتضيه السياق أن المراد به اسم للمفعول أعني المصاد، وحينئذ فيكون المراد من تحريمه تحريم أكله، لأنه لا بد من إضمار شيء، فيكون لكون الأعيان لا توصف بحل ولا حرمة، وإضمار أكله وصيده معاً. ممتنع لما تقدر في علم الأصول أن المقتضى لا عموم له، فتعين إضمار البعض المتبادر إلى الفهم منه وهو الأكل، ولا يلزم من تحريم الأكل تحريم الاصطياد. تنبيه: الصيد كل متوحش طبعاً لا يمكن أخذه إلا بحيلة، فقول المصنف: اصطياد يعي الاحتيال في أخذ المتوحش، ولذلك استغنى به المصنف عن قيد التوحش، والعبرة في المتوحش بالجنس فلا يفترق الحال فيه بين أن يستأنس أم لا؟ خلافاً لمالك، واحترز بالمأكول عما لا يؤكل كالذئب ونحوه، فإنه يجوز اصطياده لأن قتله جائز، وهي اللباب للمحاملي أن اليربوع لا يؤكل في أصح =

<<  <  ج: ص:  >  >>