للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجب أن تُفَسَّرَ كلمة التَّنَصُّر بما يَخْتَصُّ به النَّصْرَانيُّ، كقولهم: إن الله ثَالِثُ ثَلاثةٍ.

وحكى القاضي ابن كَجٍّ وجهين: في أنه هَلْ يَجِبُ على الشهود تَفْسيرُ كلمة الإِسْلاَم؛ لأنهم [قد] (١) يَعْتَقِدُونَ ما لَيْسَ بإسلام إِسْلاَماً؟ وجهين في أن على قول القِسْمَةِ، هل يَحْلِفُ كُلُّ واحد من الاثنين (٢) للآخر؟ والأَصَحُّ المنع.

ووجهين في كَيْفيَّةِ القِسْمَةِ إذا مات عن ابْنٍ وبِنْتٍ، وتَنَازَعَا في دِينِ الأب، وقلنا بالقِسْمَةِ، عن أبي الطَّيِّبِ بن سلمة: أنه يُقَسَّمُ المَالُ بينهما نصْفَيْنِ.

وعن غيره أنه يُقَسَّمُ أَثْلاَثاً: قِسْمَةَ الميراث. وليسا ولا واحد منهما بِقَوِيمٍ، بل يجب أن يُقَالَ: هما كَشَخصَيْنِ يَدَّعِي أحدهما جَمِيعَ الدار، والآخر نِصْفَهَا، وأقاما بَيَّنَتَيْنِ. وقد مَرَّ على أن قول القِسْمَةِ للأول ثَلاثةُ أرباعها، وللثاني رُبْعُهَا.

ولْيُعْرَفْ وراء ما حَكَيْنَا شيئان:

أحدهما: أن المَوْتَ على كلِمَةِ الإِسْلاَمِ يوجب الإِرْثَ للابن المُسْلِم، لكن المَوْتَ على كلمة التَّنَصُّرِ بِمُجَرَّدِهِ ولا يُوجِبُ الإرْثَ للابن النَّصْرَاني؛ لاحتمال أنه أَسْلَمَ، ثم تَنَصَّرَ. وحينئذ فلا يُورث عنه، وكان الغَرَضُ فيما إذا تَعَرَّضَ الشُّهُودُ لاسْتِمْرَارِهِ على النَّصْرَانِيَّةِ إلى أن جَعَلَهَا آخر كلامه؛ أو اكتفوا باسْتِصْحَابِ ما عرف من دِينِهِ، مَضْمُوماً إلى الحكم عليه، وإن لم يَتَعَرَّض له الشهود.

والثاني: أن تَقْييدَ البَيَّنَتَيْنِ معاً؛ بأن آخر كَلاَمِهِ كان كذا، غير مُحْتَاجٍ إليه؛ لِزَوَالِ التَّرْجِيحِ بِزِيَادَةِ العِلْمِ، بل تَقْيِيدُ بَيَّنةِ النصراني بأنه تَكَلَّمَ آخراً بكلمة التَّنَصُّرِ كافٍ (٣) فيه.

وقوله في الكتاب: "ادَّعى المُسْلِمُ أن أَبَاهُ أَسْلَمَ، ثم مات"، تبين أن التَّصْوِيرَ أولاً، فيما إذا كان المَيِّتُ مَعْرُوفاً بالكُفْرِ، فإن كان مَجْهُولَ الدِّينِ، فقد ذكر من بَعْدُ.

وقوله: "فهما مُتَعَارِضَتَانِ"، يجوز إِعْلاَمُهُ بالحاء؛ لأن الحِكَايَةَ عن أبي حَنِيْفَةَ: أنه يُغَلِّبُ بَيِّنَةَ الإِسلام بكل حال.

وقوله: "يَجْرِي قَوْلُ القِسْمَة" بالواو؛ لوجه أبي إِسْحَاقَ.

وقوله في مجهول الدِّينِ: "فلا تَرْجِيحَ"، بالحاء، والواو؛ للوجه الذي ذكرناه آخراً. وكذا قوله: "لم يَخْتَصَّ بالتَّصْدِيقِ".

[فرع]

مات رَجُلٌ عن زوجة، وأخ، مُسْلِمَينِ، وعن أَوْلاَدٍ كَفَرَةٍ، فقال المسلمان: مات


(١) سقط في: ز.
(٢) في أ: الابنين.
(٣) في ز: كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>