يجب إعادة الغسل، ولا إعادة مسح الجَبِيْرَةِ، فنفى إعادة مطلق الغسل، لكن إرادة المعنى الثاني لا تحسن من وجهين:
أحدهما: أن يكون جواباً بالوجه الأول، الذي ذهب إليه ابن الحداد، وظاهر المذهب إنما هو الثاني.
والثاني: أن الشيخ أبا علي، والمعتبرين، قالوا: الخلاف في أنه هل يعيد شيئاً من الوضوء، أم لا؟ مبني على الخلاف الذي سبق في أن التَّيمم المضموم إلى الوضوء، هل يعتبر فيه التَّرتيب أم لا؟ فإن أوجبنا الترتيب أعاد هاهنا مع التَّيمم، غسل الأعضاء المترتِّبة على العضو المعلول، وإلا فلا، وإذا كان كذلك فصاحب الكتاب قد اختار، ثم وجه اعتبار الترتيب، وعبر عنه بالأعدل فلا يلائمه أن يقول هاهنا لا يعيد شيئاً من الوضوء أصلاً. والله أعلم.
ولو تطهر المعلول كما ذكرنا، ثم برأ، وهو على طهارته غسل موضع العُذْر جنبًا كان، أو محدثاً، ويغسل المحدث ما بعد العضو المعلول، أيضاً بلا خلاف رعاية للترتيب، وهل يجب استئناف الوضوء والغسل؟ فيه القولان كما في نزع الخف، فلو تحقق الانْدِمَالُ والبُرْءُ بعد الطهارة هو كما لو وجد العادم الماء بعد التَّيمم، فيبطل تيمُّمه، وغسل ذلك الموضع والاستئناف على ما ذكرنا، ولو توهَّمَ الانْدِمَال فرفع اللّصوق فإذا هو لم يندمل، لم يبطل تيمُّمه على أصح الوجهين بخلاف ما إذا توهَّمَ وجود الماء، يبطل تيمُّمه، وإن بان خلاف ما توهمه، لأن توهم الماء يوجب الطَّلب، وتوهم الانْدِمَال لا يوجب (١) البحث والطلب عنه، وإذا وجب الطلب بطل التّيمم، لأن التّيمم طهارة ضرورة، فلا صحة له إلا حيث يتمكن من الصَّلاَة وإذا وجب الطَّلب لم يتمكن من الصَّلاة، وتوقف إمام الحرمين في قول الأصحاب لا يجب الطلب عند توهُّم الانْدِمَال.