للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي: هَذَا قِسْمُ المُقَدِّمَاتِ أَمَّا المَقَاصِدُ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ:

الْبَابُ الأَوَّلُ في صِفَةِ الوُضُوءِ

وَفَرَائِضُهُ سِتَّةَ: الأَوَّلُ: النِّيَّةُ فَهِيَ شَرْطٌ فِي كُلِّ طَهَارَةٍ عَنْ حَدَثٍ (ح و) وَلاَ تَجِبُ (و) في إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلاَ يَصِحُّ (و) وُضوءُ الكَافِرِ وَغُسْلُهُ إِذ لاَ عِبرَةَ بِنَيَّتِهِ إِلاَّ الذِّمِّيَّةَ تَحْتَ المُسْلِمِ تَغْتَسِلُ عَنِ الحَيْضِ لَحَقِّ الزَّوْجِ فَلا يَلْزمُهَا الإعَادَة بَعْدَ الإِسْلاَمِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَالرِّدَّةُ بَعْدَ الوُضُوءِ لاَ تُبْطِلُهُ (و) وَبَعْدَ التَّيَمُّمِ تُبْطِلُهُ فِي أَحَدِ الوَجْهَيْنِ لِضَعْفِ التَّيَمُّمِ.

قال الرافعي: ذكرنا في أول الكتاب أَنَّ أحكام الطهارة على قسمين مقدمات ومقاصد. وجعل قسم المقاصد على أربعة أبواب:

أحدهما: في صفة الوضوء، وله فرائض وسنن، أما الفرائض فهي. ست:

الفرض الأول منها النية، فهي واجبة في طهارات الأحداث، خلافاً لأبي حنيفة، إلا في التيمم. لنا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" (١).

واعتبار ما عدا التيمم بالتيمم وأما إزالة النجاسة، فلا يعتبر فيها النية، لأنها من قبيل المتروك، والمقصود، هُجْرَانُ النجاسة، والمتروك لا تعتبر فيها النية، كترك الشرب، والزنا وغيرهما. وطهارات الأحداث عبادات، فأشبهت سائر العبادات، ويحكى عن ابن سريج اشتراط النية فيها، وبه قال أبو سهل الصعلوكي (٢)، فيما حكاه صاحب "التتمة"، وإذا عرفت ذلك فاعلم أنه بني على اعتبار النية في الطهارات امتناع صحتها من الكافر، فلو اغتسل الكافر في كفره، أو توضأ، ثم أسلم - لم يعتد بما فعله في الكفر؛ لأنه ليس أهلاً للنية، فيلزم الإعادة بعد الإسلام، ولأن الطهارة عبادة،


(١) أخرجه البخاري (١) ومسلم ١٥٥/ ١٩٠٧، وانظر تعليقنا على الأشياء والنظائر لابن السبكي ١/ ٥٤.
(٢) محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون الإمام، أبو سهل الصعلوكي الحنفي نسباً ثم العجلي، النيسابوري، الفقيه المفسر، الأديب اللغوي، النحوي، الشاعر، المفتي، الصوفي، حبر زمانه، وبقية أقرانه - هذا قول الحاكم. فيه ولد سنة ست وتسعين ومائتين. وأخذ عن ابن خزيمة ثم عن أبي علي الثقفي وأفتى ودرس بنيسابور نيفاً وثلاثين سنة. توفي في ذي القعدة سنة تسع وستين وثلاثمائة. انظر ابن قاضي شهبة ١/ ١٥٠، ١٥١. والعبادي ٩٩، والشيرازي ٩٥، وابن السبكي ٢/ ١٦١، وابن خلكان ٣/ ٣٤٢، والوافي بالوفيات ٣/ ١٢٤، النجوم الزاهرة ٤/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>