للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الهِبَةِ، وَفِيهِ فَصْلاَنِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: الأَوَّلُ في أَرْكَانِهَا وَهِيَ ثَلاثةُ: الأَوَّلُ: الصِّيْغَةُ وَلاَ بُدَّ مِنَ الإِيجَابِ وَالقَبُولِ إِلاَّ في هَدَايَا الأَطْعِمَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يُكْتَفَى بِالمُعَاطَاةِ إِذْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَاداً في عَصْرِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَلاَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَتَأقْيتُهُ وَتَأْخِيرُ القَبُولِ فِيهِ عَنِ الإِيجَابِ كَالبَيْعِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا عرفْتَ في أوَّل الوقْف أقسامَ العطايا، وأنَّ مِنْ أقسامِهَا التمليكاتِ المنجزةَ في الحياةِ، فاعْرِف الآن أنَّ هذا القسْمَ عَلَى ثلاثةِ أنواعٍ، وهي: الهبةُ والهديةُ، والصَّدَقَةُ. وسبيلُ ضَبْطِها أنَّه التمليكَ لا بِعَوَضٍ هبة (١) فإن انضم إليه حمل الموهوب منْ مكانٍ إلَى مكانِ المَوْهُوب منه؛ إعْظاماً له أو إكْرَامَاً، فهو هديَّةٌ، وإنِ انْضَمَّ إِلَيْه كونُ التمليكِ منَ المحتاج تقرُّباً إلَى اللهِ -تعالى- وطلباً لثواب الآخرة، فهو صدقةٌ، فامتياز الهدية عن الهبة بالنَّقْلَ والحَمْل من موضعٍ إلى موضعٍ.

ومنْه إهْداءُ القَرابينِ إلى الحَرَمِ، وكذلك لا يَدْخُلُ لفظ الهديةِ في العَقَار بحال (٢)، فلا يقال: أهْدَى إليه أرْضاً ولا دَاراً، وإنَّما يُطْلَق ذلك في النقولات كالثياب، والعَبِيد،


(١) الهبة لغة: العطية الخالية عن الأعواض والأغراض فإذا أكثرت سمي صاحبها وهاباً. انظر: لسان العرب ٦/ ٤٩٢٩.
اصطلاحاً:
عرفها الأحناف بأنها: تمليك بلا عوض.
وعرفها الشافعية بأنها: التمليك بلا عوض.
وعرفها المالكية بأنها: تمليك متمول بغير عوض.
وعرفها الحنابلة بأنها: تمليك جائز التصرف مالاً معلوماً أو مجهولاً تعذر علمه.
انظر: فتح القدير ٩/ ١٩، حاشية ابن عابدين ٤/ ٥٠٨، الإقناع ٢/ ٨٥، مغني المحتاج ٢/ ٣٩٦ والمحلي على المنهاج ٣/ ١١٠، مواهب الجليل ٦/ ٤٩، شرح منتهى الإرادات ٢/ ٥١٧ والمغني ٦/ ٢٤٦.
(٢) قال في التوسط: وهذا هو الصواب، وهو أصح من قول من أطلق الوجوب، وفي كلام الدارمي ما يقتضي عدم الوجوب أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>