للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه شَرِيكُ الأولين بتلقي من الوَاقِفِ لا مَحَالَةَ. وإن حلف بَعْضُهُم دون بعض، أخذ الحَالِفُ نَصِيبَهُ، وبقي الباقي على مَا كَانَ.

فأما لَفْظُ الكتاب، فإنه فرض فيما إذا ادَّعَى اثنان، كما فعل في وَقْف الترتيب.

ولْيُعَلَّمْ قوله: "وَجَبَ إخْرَاجُ ثُلُثِ الوَقْفِ من يديهما" [بالواو] (١) لوجه حكيناه؛ أنه يُوقَفُ في يَدِهِمَا ولا يخرج.

وقوله: "وإن نكل فقد تَعَذَّرَ مصرفه"، هذا هو الذي ذكره المُزَنِيُّ، وإيراد الكتاب يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ. والظَّاهِرُ ما ذَكَرَهُ آخراً، وهو أنه يَرُدُّهُ إليهما كما تَبَيَّنَ.

وأما قوله: "ولا خِلاَفَ أنه لا يردُّ على المُدَّعَى عَلَيْهِ أولاً" فالمُرَادُ منه، أنه لو قال لِلْمُدَّعَى عليه: إذا بلغ المَوْلُودُ، ونَكَلَ، رُدُّوا عَلَيَّ ما وَقَفْتُمْ له، فإن الحُجَّةَ لم تَتِمَّ؛ لاعتراف المُسْتَحِقِّينَ بأنهم لا يستحقونه، فلا يُجَابُ [إليهما] (٢).

وقال الإمام: كما لا يُجَابُ في وَقْفِ الترتيب، إذا حلف البَطْنُ الأول، ونكل الثَّانِي، وسببه، أن يَدَهُ [أزيلت] (٣) بحُجَّةٍ قامت عليه، وانقطع تَعَلُّقُهُ عنه، فلا يَعُودُ بما يفرض من تَعَذُّرِ المصرف، وكأنه أرَادَ تَصْوِيرَ المسألة فيما إذا ادَّعَوْا على رَجُلٍ؛ أن مورثه وَقَفَ الدَّارَ التي في يَدِهِ على المدعين، وعلى أوْلاَدِهِمْ دون أن يدعي بَعْضُ الوَرَثَةِ على بعض في دَارِ التَّرِكَةِ، وإلا، فإذا لم يَثْبُتِ الوَقْف. تكون الدار تَرِكَةً، فلا معنى في تركها في يد المُدَّعَى عليه والله أعلم.

البَابُ الخَامِسُ في الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَيَجْرِي فِي كُلِّ مَا لَيْسَ بِعُقُوَبَةٍ، وَفِي العُقُوَبَاتِ ثَلاَثةُ أَقْوَالٍ، وَفِي الثَّالِثِ يَجْرِي فِي عُقُوبَاتِ الآدَمِيِّينَ دُونَ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ فِيهَا شُبْهَةَ لِأنَّهَا بَدَلٌ، وَيَجْرِي الخِلاَفُ فِي كِتَابِ القَاضِي اِلى القَاضِي وَفِي التَّوْكِيلِ باسْتِيفَاءِ القِصَاصِ، فَإِذَا مَنَعْنَا لَمْ تُسْمَعِ الدَّعْوَى بِالقِصَاصِ عَلَى غَائِبٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الشَّهَادَةُ على الشَّهَادَةِ مَقْبُولَةٌ؛ لدعاء الحَاجَةِ إليها، فإن شُهُودَ الوَاقِعَةِ قد يَغيبُونَ، أو يَمُوتُونَ، وأيضاً فإن الشَّهَادَةَ [حَقٌّ لاَزِمُ الأَدَاءِ، أفتجوز الشَّهَادَةُ] (٤) عليه كَسَائِرِ الحُقُوقِ؟

وأيضاً فإن الشَّهَادَةَ طريق يُظْهِرُ الحَقّ كالإقْرَارِ، هذا في غير العُقُوبَاتِ؛ وتدخل


(١) سقط في: ز.
(٢) في ز: إليه.
(٣) في ز: إن مات.
(٤) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>