(٢) الشهادة على الشهادة جائزة استحساناً لا قياساً. وجه القياس أن الشهادة عبادة بدينة وجبت على الأصل والنيابة في العبادة البدنية غير جائزة ولأن فيها زيادة احتمال. فإن في شهادة الأصول تهمة الكذب. وفي شهادة الفروع تلك التهمة. مع إمكان الاحتراز بجنس الشهود. بأن يزيدوا في عدد الأصول عند شهادهم حتى إذا تعذر إقامة بعضهم قام الباقون. وجه الاستحسان. أن الأصل قد يعجز عن أداء الشهادة لبعض العوارض فلو لم نجز لأدى إلى التواء الحقوق ولهذا جوزت وإن كثرت. قَالَ الإِمَام أبو حنيفة، وأصحابه، وأحمد، والنخعي، والشعبي. الشهادة على الشهادة جائزة في كل حق لا يسقط بالشبهة، فلا ققبل في الحدود، والقصاص؛ لأنها تندرئ بالشبهات، والشهادة على الشهادة فيها شبهة من حيث البدلية. أو من حيث إِنَّ فيها زيادة احْتِمَالٍ. وَذَهَبَ الإِمَامُ مَالِكٌ إِلى جواز الشهادة على الشهادة في جميع الحقوق. وفي التبصرة لابن فَرْحُون. قال ابْنُ عَبدِ السَّلاَمِ، وقد اختلف العلماء في الحكم بالشهادة على الشهادة، فمذهب مالك -رضي الله تعالى عنه- قبولها وإعمالها في سائر الحقوق مالاً كان أو عقوبة. وعند الإِمَام الشافعي تقبل الشهادة على الشهادة في غير عقوبة كمال وطلاق، وفي عقوبة الآدمي على المذهب، كقصاص وحد قذف بخلاف عقوبة الله تعالى كحد الزنى والشرب؛ لأن حق الله تعالى بني على المساهلة بخلاف حق الآدمي. شروط جواز الشهادة على الشهادة: هي ١ - أن تتعذر شهادة الأصل بموت أو غيبة أو مرض أو كون المرأة مخدرة. وبهذا قال الأئمة الأربعة. وعن أبي يوسف أنه إذا كان في مكان لو غدا الأداء الشهادة لا يستطيع أن يبيت في أهله قبلت الشهادة على الشهادة إحياء الحقوق الناس. وفي الذخيرة أخذ كثير من المشايخ بهذه الرواية منهم الفقيه أبو الليث. وعن محمد تجوز الشرهادة كيفما كانت حتى روى أنه إذا كان الأصل في زاوية المسجد فشهد الفرع في زاوية أخري تقبل. الغيبة التي تجوز الشهادة على الشهادة عند الحنفية سفر ثلاثة أيام. وعند الشافعية مسافة العدوى. وهي التي يرجع فيها مبكراً. وقيل مسافرة القصر. وعند المالكية إن كانت الشهادة في الحدود لم =