للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أَبُو حَنِيْفَةَ: لا يَعْتِقُ الباقي في الحال، وَلَكِنَّهُ مُخَيَّرٌ بين أن يَعْتِقَ أَوْ يُكَاتِبَ، أَوْ يَسْتَسْعِي.

قال الصَّيْدَلاَنِيُّ: والكتابة وَالاسْتِسْعَاءُ عنده شيء واحد إلاَّ أنه إذا كان برضا العبد وَمُعَاقَدَتِهِ، يسميه: كتابة، وإن كان دون رضاه يسميه: سَعَايَةٌ على الرقِّ، فما لم يرد المال لا يعتق الباقي وكما يكمل العتق إذا أضافه إلى البعض الشائع يَكْمُلُ إذا أضافه إلى البعض (١) المعين كاليد والرجل كما في الطلاق وخلاف أبي حَنِيْفَةَ المذكور في الطلاق عائد هاهنا، ثم في كيفية التكميل إذا أضاف العتق إلى الجزء الشائع وجهان:

أَحَدُهُمَا: أنه يَحْصُلُ في الجزء المسمى، ثم يسري إلى الباقي.

والثاني: يَحْصُلُ في الكل دفْعَةً واحدة ويكون إعْتَاقُ النصف عبارة عن إِعْتَاقِ (٢) الكل، وإذا أضافه إلى الجزء المعين؛ فوجهان مرتبان، وأولى أن يحصل دفْعَةً واحدة، والفرق: أنَّ الجزءَ السابق كالعتق في المعين وقد سبق ذكر هذا الخلاف في "الطلاق" بِتَفَارِيعِهِ. ولو أعتق أَمَتَهُ الحاملَ والحمل مملوك (٣) له أيضاً عتقُ الحَمْلِ أيضاً لا بطريق السِّرَايَةِ، فإن السِّرَايَةَ في الأشقاص في الأشخاص، وَلَكِنْ بطريق التَّبَعِيَّةِ كما يتبِع الحَمْلُ الأُمَّ في البيعِ، إلاَّ أَنَّ البيع يبطل بالاستثناء، والعتق لا يبطل لقوته، وهذا كما أنَّه لو استثنى عُضْواً في البيع، بطل البيع، ولو استثنى عضواً في العتق؛ لم يبطل العتق، وإن أعتق الحمل؛ نفذ العتق فيه ولم تعْتَقِ اَلأُمُّ، فإن الأم لا تَتْبَعُ الحمل (٤).

وعن الأُستَاذِ أَبِي إِسحَاقَ: أَنها تَعْتِقُ بِعِتْقِهِ كما يَعْتِقُ بِعِتْقِهَا، والظاهر الأول.

ولو كانت الأم لواحد والحمل لآخر، فلا تعتقُ الجارية بإعتاق مالك الحمل ولا الحمل بإعتاق مالك الجارية، ولا اسْتِتْبَاعَ مع اختلاف المالكين. وقد سبق ذكر هذه الصورة في "الوَصَايَا" ويتعلق بما نحن فيه.

فُرُوعٌ:

منها إذا قال لِأَمَتِهِ: "إِذَا وَلَدْتِ فَوَلَدُكِ حُرٌّ أو كل ولد تَلِدِينَهُ، فهو حر، وقد ذكرنا


(١) في أ: العضو.
(٢) سكت المصنف عن الترجيح، لكن قوله فيما بعد وقديبق هذا الخلاف بتفاريعه في الطلاق يشعر بترجيح السراية وكلامه هناك يقتضيه أيضاً.
(٣) في الروضة بمملوك له.
(٤) أي إذا كان بعد نفخ الروح، فإن ذُكِرَ في أواخر العتق عن فتاوى القاضي الحسين أنه لو كانت جارية حاملاً والحمل مضغة فقال: أعتقت مضغة هذه لجارية كان لغواً؛ لأن إعتاق ما لم ينفخ فيه الروح لغو.

<<  <  ج: ص:  >  >>