للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاف في طهارة الباطن، وهو قضية إيراده في الأصل، ويجوز أن يجعل خلافاً مستقلاً ويوجه بما سبق، وكذلك جعله بعضهم وجهاً لا قولاً وكذلك، حكاه في الوسيط.

قال الغزالي: القِسْمُ الثَّانِي: المُتَّخَذُ مِنَ العِظَامِ، وَالعَظْمُ يَنُجُسُ (ح) بِالمَوْتِ عَلَى ظَاهِرِ المَذْهَبِ وَقِيلَ قَوْلاَنِ كَمَا فِي الشَّعْرِ، وَلاَ يَنْجُسُ (و) شَعْرُ الآدَمِيَّ بِالمَوْتِ وَالإِبَانَةِ وَلاَ شَعْرُ الحَيَوَانِ المَأكُولِ بِالجَزِّ قَوْلاً وَاحِداً فَإِنْ حُكِمَ بِأَنَّ شَعْراً مَا لاَ يَنْجُسُ بِالمَوْتِ فَالأَصَحُّ أَنَّ شَعْرَ الكَلْبِ وَالخِنْزِيرِ نَجِسٌ لِنَجَاسَةِ المَنبَتِ.

قال الرافعي: الشُّعُورُ هل تنجس بالموت والإبانة؟ فيه قولان:

أحدهما: لا؛ لأنه لا تحلها الحياة، بدليل أنها لا تحس ولا تألم، وإنما يتأثر بالموت ما تحله الحياة.

وأظهرهما: نعم؛ لأنه إن حلها الحياة كانت كسائر الأجزاء، وإلا فهي حادثة من الجملة، فتكون تابعة لها في الطهارة والنجاسة، كما تجعل تابعة لها في حكم الجنابة وغيره، ويجري القولان في الصُّوفِ، وَالوَبَرِ، وَالرِّيْشِ، وأما العظام ففيها طريقان:

أظهرهما: القطع بالنجاسة، لأنها تحس وتألم.

والثاني: طرد القولين كما فيها, لأن الظّفْرَ يقلم ولا يألم، والظّلْف (١) تبرد بالمبرد، ولا يحس به الحيوان.

فإن قلنا: الشعر والعظم ينجسان بالموت والإبانة وجعلنا حكمهما حكم سائر الأجزاء. فيستثنى عنهما موضعان:

أحدهما: شعر المأكول إذا أبين في حياته كما سبق.

والثاني: شعر الآدمي وفيه قولان أو وجهان مَبْنيَّانِ على نجاسته بالموت إن قلنا: لا ينجس وهو الأصح، فلا ينجس شعره بالموت والإبانة.

وإن قلنا: ينجس شعره أيضاً بالموت والإبانة، وعلى هذا القول إذا سقطت منه شعرة أو شعرتان وصلى فيها، فلا باس للقلة وتعذر الاحتراز، فإن كثرت لم يحتمل (٢)


(١) والظلف من الشاه والبقر ونحوه كالظفر من الإنسان، وتجمع على أظلاف مثل حمل وأحمال. المصباح المنير ٢/ ٥٢٦.
(٢) قال النووي: قال أصحابنا: يعفى عن اليسير من الشعر النجس في الماء، والثوب الذي يصلي فيه، وضبط اليسير: العرف. وقال إمام الحرمين: لعل القليل ما يغلب انتتافه مع اعتدال الحال. واختلف أصحابنا في هذا العفو هل يختص بشعر الآدمي أم يعم الجميع، والأصح: التعميم والله أعلم. الروضة ١/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>