للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في الكتاب "وليس يقبل دعواها مع الشك" يعني أن الأصل ثبوت الرجعة، وهي مدعية لما يَدْفَعه، فلا بد من دعْوَى صحيحةِ، ودعوى الشَّاكِّ غَيْرُ صحيحة.

البَابُ الثَّانِي فِي تَدَاخُلِ العِدَّتَيْنِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَالعِدَّتَانِ المُتَّفَقَتَانِ بِالأَقْرَاء أَوِ الأَشْهُرِ تَتَدَاخَلاَنِ (و) مِنْ شَخْصٍ واحِدٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يَطَأَهَا الزَّوْجُ فِي العِدَّةِ فَيَكْفِيهَا ثَلاثةِ أقْرَاءٍ مِنْ وَقْتِ الوَطْءِ* لَكِنِ الرَّجْعَةُ لاَ تَتَجَاوَزُ ثَلاَثةَ أَقْرَاءٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلاَقِ* أَمَّا إِذَا اخْتَلَفَا بِأَنْ كَانَ إِحْدَاهُمَا بِالحَمْلِ انْدَرَجَتِ الأُخْرَى تَحْتَ الحَمْلِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ وَانْقَضَتَا بِالوَضْعِ وَدَامَتِ (و) الرَّجْعَةِ إِلَيْهِ* فَإِنْ قُلْنا: لاَ يَنْدَرجُ فَإِنْ كَانَ الحَمْلُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ انْقَطَعَ عِدَّةُ الطَّلاَقِ فَتَعُودُ إِلَى بَقِيَّتهَا بَعْدَ الوَضْعِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ أَوْ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ فِي البَقِيَّةِ* وَهَلْ يَجُوزُ الرَّجْعَةِ قَبلَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ* وَمَهْمَا ثبَثَ الرَّجْعَةَ ثبَتَ المِيرَاثُ وَسَائِرُ الأَحْكَامِ* وَلَوْ كَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَهِيَ حَامِلٌ انْقَضَتِ العِدَّةُ الأُخْرَى بِالأَقْرَاءِ مَعَ الحَمْلِ عَلَى الأَظْهَرِ لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّعَبُّدِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا اجتمعَتْ على المرأة عدتان، فإما أن يكونا من شَخْصٍ واحدٍ أو مِنْ (١) شخصَيْن.

القِسْمُ الأَوَّل: إذا كانا من شَخْصٍ واحدٍ بأن طَلَّق زوجته، وشرعت في العدة بالأقراء أو الأشهر، ثم وطئها في العدة، إما جاهلاً إن كان الطلاقُ بائنًا، وإما جاهلاً، أو عالمًا، إن كان الطلاق رجْعيًّا، فتَتَداخل العِدَّتان، ومعْنَى التداخل: أنها تعتد بثلاثة أقراء أو بثلاثة أشهر من يوم الوطء، ويندرج فيها ما بقي من عدة الطلاق، وقدر تلك البقية يكون مشتركًا واقعًا عن الجهتَيْن جميعًا، ويجوز له الرجْعة في تلك البقية إن كان الطلاق رجعيًّا، ولا رجعة بعْدها، ويجوز تجديد النكاح في تلْك البقية وبعدها، إذا لم يكن عَدَدُ الطلَّاق مستوفَّى. هذا هو المشهور والأظْهَرُ، ووراءه تقديران، قد أخذ بكلِّ منهما آخذون.

أحدهما: أن عدة الطلاق تنقطع من الوطء [بما طرأ] (٢) من الوطء ويسقط باقيها وتَتمخَّض العدَّة الواجبة عن الوطء، هذا حكاه أبو الحسن العَبَّاديُّ عن الحليمىِّ قال: وقياسه أن لا تثبت الرجْعة في البقية، لكن الإجماع صد (٣) عنه، وقد ينقطع


(١) في ز: في.
(٢) سقط في ز.
(٣) والظاهر أن القائل وقياسه هو العبادي لا الحليمي، ونقل ابن الرفعة في الكفاية هذا القول عن الرافعي وليس كما قال ونازع في دعوى الإجماع بأن الرافعي حكى فيما إذا أوجب عليها عدتان =

<<  <  ج: ص:  >  >>