والثاني: المَنْعُ لما فيه من ضَرَرِ التَّشْقِيصِ، ولو قال: زوجتك جَارِيَتِي أو بنتي، وبِعْتُكَ عَبْدِي، أو عبدها بكذا، ففي صِحَّةِ البَيْع والصداق قولان: ذكرناهما في تفريق الصَّفْقَةِ (١)، فإن صَحَّحْنَاهُمَا، وُزِّعَ العِوَضُ المذكور على مَهْرِ المِثْلِ، وقيمة العبد فما يَخُصُّ مَهْرَ المِثْلِ يكُونُ صَدَاقاً وإذا وجد الزوج بالعَبْدِ عَيْباً، ورَدَّهُ، يَسْتَرِدُّ الثمن، وليس للمرأة رَدُّ الباقِي، والرجوع إلى مَهْرِ المثل؛ لأن المُسَمَّى صَحِيحٌ، وإن رَدَّ العَبْدَ بِعَيْبٍ، أو فَسَخَ النِّكَاحَ قبل الدخول بِعَيْبٍ، ارْتَدَّ إليه جَمِيعُ العِوَضِ المذكور، وإن خرج العِوَضُ المعين مُسْتَحقّاً، يريد العبد والرجوع للصداق إلى مَهْرِ المِثْلِ، في أصح القولين، وإلى حِصَّةِ الصَّدَاقِ منه في الثاني.
وقوله في الكتاب:"فإن أَصْدَقَها عَبْداً يُسَاوِي ألفين على أن تَرُدَّ ألْفاً فنصف العبد مبيع ونصفه صداق" لا يلزم من أن يُسَاوِيَ العَبْدُ ألفين، ويكون المَرْدُودُ أَلْفاً أن يكون نِصْفُ العَبْدِ مَبِيعاً، ونِصْفُهُ صَدَاقاً، بل يجب مع ذلك أن يكون مَهْرُ المِثْلِ أيضًا أَلْفَاً على ما صَوَّرْنَاهُ، وهو المراد، وإن لم يذكره لفظاً.
" فرع"
لِبِنْتِهِ مائة دِرْهَمٍ، فقال لغيره: زَوَّجْتُكَ ابنتي هذه، ومَلَّكْتُكَ هذه الدَّرَاهِمَ، بهاتين المائتين لك، فالبيع والصَّدَاقُ باطِلاَنِ، نَصَّ عليه في "الأم"؛ لأنه قَابَلَ الفِضَّةَ وغيرها بالفِضَّةِ، وهو ربَا وإن كان من أحد الطرفين دَنَانِيرَ، كان ذلك جَمْعاً بين الصَّدَاقِ والصَّرْفِ, ففيه ما سَبَقَ من القولين.
(١) قال الشيخ البلقيني: الأول للأول والثاني للثاني. فالصورة الأُولى زوجتك بنتي وبعتك عبدها، والصورة الأخرى زوجتك جاريتي وبعتك عبدي، فأما لو قال زوجتك بنتي وبعتك عبدي بكذا، فهذه من صور بيع عبدين لرجلين لكل منهما عبد يبيعانهما بثمن واحد، والمذهب فيهما البطلان.