للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأنَّهم يقولون: إذا لم نَرَهُمَا، فلا نبحث عن بقائهما، وإذا كَانَا مَعه، ثم ماتا، لم نحْكُمْ بإسلامه أيضاً لما مَرَّ من أنَّ التبعيَّةَ إنَّما تثبتُ في أبتداء السَّبْيِ (١).

وحُكْمُ الصَّبِيِّ المحكوم بإسْلامه تبعاً للسَّابي، إذا بَلَغَ حُكْمُ الذي حُكِمَ بإسْلامه تبعاً لأَبوَيْهِ، إذا بلغ.

" فَرْعٌ"

إذا أعربا بالكُفْر، وجعلْناهما كافرَيْنِ أصليّين، ألْحقْنَاهُما بدَار الحرب، فإن كان كفْرُهُمَا مما يجوزُ التقْريرُ علَيْه بالجزية، قَرَّرناهما، ولو أعرب بنَوْع من الكفر غَيْر ما كانا موصُوفَيْن به، فهما منتقلان من مِلَّةٍ إلى ملَّةٍ، وفيه تفصيلٌ وخلافٌ يُذْكَرُ في "النِّكاح".

آخر: [و] القولُ في تجهيزهِما والصلاةِ عَلَيْهما ودَفْنِهِمَا في مقابرِ المُسْلمِين، إذا ماتا بعْد البلوغ وقبل الإعراب يتفرَّع على القولَيْن في أنهما، لو أعربا بالكفر، كانا مرتدَّيْنِ أو كافرَيْنِ أصلِيَّيْنِ (٢).

ورأَى الإمامُ أن يُتَسَاهَلَ في ذلك ويُقَامَ فيهما شعارُ الإسْلام.

قال الغَزَالِيُّ: (الجِهَةُ الثَّالِثَةُ) تَبَعِيَّةُ الدَّارِ وَهُوَ المَقْصُودُ، فَكُلُّ لَقِيط وُجِدَ في دَارِ الإِسْلاَمِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِإسْلاَمِهِ، وَإِنْ وُجد فِي دَارِ الحَرْبِ فَكَافِرٌ، إِلاَّ إِذَا كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ سَاكِنٌ مِنْ تَاجِرٍ أَوْ أَسِيرِ فَفِيهِ خِلاَفٌ، ثُمَّ إِذَا بَلَغَ وَأَعْرَبَ عَنْ نَفْسِهِ بالكُفْر فَقَدْ قِيَل: إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ وَلَيْسَ بِمُرْتَدِّ لأَنَّ تَبَعِيَّةَ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ وَكَأَنَّهُ تَوَقُّفٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قالَ: فِيهِ قَوْلاَنِ كَمَا في تَبَعِيَّةِ السَّابي وَالوَالِدَيْنِ، فَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَفِي التَّوَقُّف في الأَحْكَامِ


(١) قال النووي في زياداته: معنى "سبي معه أحد أبويه"، أن يكونا في جيش واحد وغنيمة واحدة، ولا يشترط كونها في ملك رجل. قال البغوي في كتاب الظهار: إذا سباه مسلم، وسبق أبويه غيره، إن كان في عسكر واحد، تبع أبويه. وإن كان في عسكرين تبع السابي والله أعلم.
قال في الخادم: فيه أمور:
أحدها: إن هذا لا يحسن عده من الزوائد فإن الرافعي ذكره في كتاب الكفارة أيضاً.
الثاني: ما ذكره من تبيين كلامهم تنبه له صاحب الوافي أيضاً.
الثالث: قضيته أنه لا فرق بين أن يكون السبي في وقت واحد أو في وقتين. والقياس أنه لو تقدم سبي الولد وتمت حيازته قبل سبي أحد أبويه أيتبع السابي ولا يؤثر سبيهما أو سبي أحدهما بعد ذلك وإن اتحد الجنس أو السابي بخلاف ما لو سبيا معاً أو بعد سبي الأصل؛ لأن التبعية لا تثبت في الابتداء السبي. قالوا: فيما لو مات من كان معه من أبويه فإنه لا يتبع السابي.
(٢) قال النووي: الذي رآه الإمام هو المختار أو الصواب؛ لأن هذه الأمور مبنيَّة على الظواهر وظاهره الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>