للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال: لا أغتسل عنْكِ، سئل عما أراد، فإن قال: أردتُّ أن لا أجامِعَها، فهو مُولٍ، وإن قال: أردتُّ الامتناع عن الغُسْل أو أردتُّ أني لا أمكث إلى أن أنْزل، وعنْدي أن الجماع من غَيْر إنزال لا يُوجِب الغُسْل أو إني أُقْدِم على وطئها، وَطِئَ غيرها، فيكون الغسل عن الأولى؛ لحصول الجنابة بوطئها، قبل: ولم يكن مُولياً، ولو قال: لا أجَامِعُك في الحيض أو في النفاس أو في الدُّبُرْ، لم يكن مُولِياً، بل هو مُحْسن فيما قال؛ لأنه ممنوع من ذلك، فأكَّد الممنوع منه بالحَلِف، ولو قال: لا أجامع إلا في الدُّبُر، فهو مولٍ، قال أبو الفرج السرخسي: ولو قال: إلا في الحَيْض والنفاس، لم يكن مُولِياً؛ لأنه لو جامَع في هذه الحالة، حَصَلت الفيئة، فاستثناؤه يَمْنع انعقاد الإيلاء، والذي أجاب صاحب "التهذيب" في "فتاويه" أنه يكون مُولِياً، وكذا لو قال: إلا في نهار رمضان -أو إلا (١) في المسجد؛ لأن الوطء حرام في هذه الأحوال،- قال: فإن فاء إليها في الحَيض وما في معناه، سَقَطت (٢) المطالبة في الحال، ولكن لا تَرْتَفِع اليمين، فتُضْرب المدة ثانياً، ولو قال: لا أجامعك جماع سوء، لم يكن مُولِياً، وكذا لو قال: لا جامعتك جماع سُوء؛ لأنه لم يمتنع عن (٣) سائر أنواع الجماع، فصار كما لو قال: لا أجامِعُ في هذا الَبيْت، أو قال: لا أجامِعُكِ في القُبُل إلاَّ من الدُّبُر، ولو قال: لا أجامِعُك إلا جِمَاعُ سِوء، رُوجِع، فإن أراد أن لا يجامعها إلا في الموضع المكروه، أو فيما دون الفَرْج أو لا يَغِيب إلى ما فَوْق الحَشَفة، فهو مُولٍ، وإن أراد الجماع الضعيف، لم يكن مُولِياً؛ لأن ضعْف الجماع كقوته في الحُكْم، ولو حَلَف لا يُجَامِع بعْضَها، فالحُكْم ما سيأتي في "الظهار" والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (البَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: (الأَوَّلُ: ضَرْبُ المُدَّةِ) فِإِذَا قَالَ: وَاللهِ لا أُجَامِعُكِ أَمْهَلنَاهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ رَفَعَتْهُ إِلَى الَقاضِي لِيَأْمُرَهُ بِالفَيْئِةِ فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ (ح) القَاضِي عَلَيْهِ* وَلاَ تَحْتَاجُ المُدَّةُ إِلَى ضَرْبِ القَاضِي بِخِلاَفِ العُنَّةِ* وَتَرَبُّصُ الأَمَةِ أرْبَعَةُ أَشْهُرٍ (ح) كَالحُرَّةِ* وَالتَّرَبُّصِ عَنِ العَبْدِ (م) كَهُوَ عَنِ الحُرِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: للزَّوْج مهْلة بعد انعقاد الإيلاء لا يُطَالب فيها بشَيْء، ثم للمرأة مطالبته ورفعُه إلى القاضي، ليَفِيَ أو يُطَلِّق، ويحتاج فيما ذكرنا [هـ] إلى معْرفة مدة المهلة، وكيفية المطالبة، وأحكامها ومعرفة ما به المطالبة، وأن الفيئة بم يُحْصُل؟ فهذه أربعة أمور عَبَّر عنها بأحكام الإيلاء.

الأوَّل: ضرب المدة، وهي أربعة أشهر على ما نَصَّ عليه في القرآن.


(١) في أ: و.
(٢) في أ: أسقطنا.
(٣) في أ: من.

<<  <  ج: ص:  >  >>