للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: اختلاف العُلَمَاءِ، فإن مَالِكاً قال: لا تَمْلِكُ قبل الدخول إلا نِصْفَ الصَّدَقِ، فإن كان عَالِماً بأنها تَمْلِكُ الصَّدَاقَ قبل الدخول، فعلى التَّعْلِيلِ الأول يَلْزَمُ الحَدُّ، وعلى الثاني لا يلزم (١)، وحيث يجب الحَدُّ، فلو أَوْلَدَهَا، فالولد رَقِيقٌ، وعليه المَهْرُ إن كانت مُكْرَهَةً، وحيث لا يجب، فالوَلَدُ نَسِيبٌ حُرٌّ، وعليه قِيمَتُهُ يوم السُّقُوطِ.

والثاني: خَالَعَ امْرَأَتَهُ المَدْخُولَ بها، ثم نَكَحَهَا في العِدَّةِ، وطَلَّقَهَا قبل الدخول في النكاح الثَّاني يُشَطَّرُ المَهْرُ وبه قال أحمد.

وعند أبي حَنِيْفَةَ يجب جَميعُهُ والله أعلم.

بَابُ الوَلِيمَةِ وَالنَّثْرِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَالوَلِيمَةُ هِيَ مَأْدَبَةُ العُرْسِ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةُ، وَقِيلَ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَفِي وُجُوبِ الإِجَابَةِ إِلَيْها قَوْلاَنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقصود الباب شَيْئَان:

أحدهما: الكَلاَمُ في الوَلِيمَةِ: روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "أَوْلَم على صَفيَّةَ بِسَوِيقٍ وتَمْرٍ" (٢) وأنه قال لعبد الرحمن بن عَوْفِ -رضي الله عنه- وقد تَزَوَّجَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ" (٣).

والوَلِيمَةُ على ما ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- والأصحاب -تَقَعُ على كل دَعْوَةٍ تُتَّخَذُ لِسُرورٍ حَادِثٍ منْ إِمْلاَكِ وخِتَانٍ وغيرهما لكن استعمالها على الإطْلاَقِ في العُرْسِ أَشْهَرُ، وفي غيره يُقَيِّدُ، فيقال: وَلِيمَةُ الخِتَانِ وغيره (٤)، ويقال لدعوةَ الخِتَانِ: إِعْذَارٌ،


(١) قال في الخادم: ليس في كلامه ترجح فيما إذا كان عالماً بأنها تملكه قبل الدخول، والذي نص عليه الشَّافعي أنه يلزمه الحد في هذه الحالة وبه يظهر أن الراجح من العلتين هي الأولى وقد استشكله في الذخائر بأنه إذا صح عن مالك أنها تملك النصف والنصف الثاني يبقى على ملكه وإنما هو قريب الزوال فكيف يجب عليه الحد وإن كان عالماً والشبهة قائمة لهذا الخلاف، ثم نقل عن البحر أن نص الشَّافعي وجوب الكل.
(٢) رواه أحمد وأصحاب السنن وأبو داود [٣٧٤٤] الترمذي [١٠٩٥] ابن ماجة [١٩٠٩] وابن حبان، من حديث أنس، وفي الصحيحين البخاري [٣٧١ - ٦١٠ - ٩٤٧ - ٢٢٢٨ - ٢٢٣٥] ومسلم [١٣٦٥] عن أنس في قصة صفية أنه جعل وليمتها ما حصل من السمن والتمر والأقط، لما أمر بلالاً بالأنطاع فبسطت، فألقى ذلك عليها، وفي رواية لمسلم: من كان عنده شيء فليجيء به، قال: وبسط نطعاً.
(٣) أخرجه البخاري (٩/ ٢٠٤ كتاب النكاح) باب قول الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ} (حديث ٤٨/ ٥). (ومسلم ٢/ ١٠٤٢ كتاب النكاح) -باب الصداق -حديث (٧٩ - ١٤٢٧).
(٤) قال في الخادم: قضيته أي كلام الرافعي لأنه عبر بالأَملاك أنها حقيقة في الأملاك خاصة وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>