للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال الشُّهُودُ: هذا ابنه، ولم يذكروا كَوْنَهُ وَارِثاً، فقد أَطْلَقَ في "التهذيب": أنه لا يُحْكَمُ بشهادتهم، حتى يذكروا: أنه وَارِثٌ؛ لأنه قد يكون ابْناً، ولا يكون وَارِثاً. والعراقيون جَعَلُوا هذه الصُّورة كما لو لم يَكُنِ الشهود من أَهْلِ الخِبْرَةِ البَاطِنَةِ، أو كانوا من أَهْلِ الخِبْرَةِ، ولم يذكروا: أنه لا وَارِثَ سِوَاهُ. وقالوا: يُنْتَزَعُ المَالُ من يده بهذه الشَّهَادَاتِ، ويُدْفَعُ المَالُ إليه بعد التّفَحُّصِ المذكور.

ونقلوا عن ابن سُرَيْجٍ فيما إذا شَهِدُوا أنه أَخُوهُ. ولم يَتَعَرَّضُوا لِلْوَرَثَةِ: أنه لا يُصْرَفُ إليه شَيْءٌ بعد التَّفحُّصِ؛ لأن الابن لا يحجبه غيره، فَقَرَابَتُهُ مورثه. والأخ يَحْجُبُهُ غيره، فَقَرَابَتُهُ غير مَوْرُوثَةٍ على تَجُّرُدِهَا وأجاب (١) الإِمام في الابن بما ذَكَرَهُ العراقيون. وحكى في الأَخِ وجهين فَحَصَلَ فيهما وجهان.

[فرع]

قال القاضي الروياني: القِيَاسُ، أنه لا يَصِحُّ الضَّمَانُ ما لم يدفع المال، وهكذا هو في ضَمَانِ العُهْدَةِ.

[فرع]

لو قال الشُّهُودُ: لا نعرف له في البلد وَارِثاً سِوَاهُ، لم يُدْفَعْ إليه شَيْءٌ، خِلاَفاً لأبي

حَييفَةَ، وأحمد فيما رَوَاهُ ابن الصَّبَّاغِ -رحمهم الله [وإيانا] (٢) -.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الطَّرَفُ الرَّابعُ فِي العِتْقِ وَالوَصِيَّةِ وَفِيهِ ثَلاَثُ مَسَائِلَ: الأُولَى إِذَا ثَبَتَ عِتْقُ عَبْدَيْنِ بَيِّنَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ مَالِ المَرِيضِ المُعْتَقِ عُتِقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ إِذِ الغَالِبُ أنَّهُمَا مُتَعَاقِبَانِ فَيُعْتَقُ السَّابِقُ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الآخَرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِذَا أَشْكَلَ السَّابِقُ فَهُوَ كَمَا لَوِ اجْتَمَعَا عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ كَمَا فِي الجُمْعَتَيْنِ وَالنِّكَاحَيْنِ، فَإِنْ جُعِلَ كَالإِجْتِمَاعِ فَيُقْرَعُ لَكِنْ لَوْ كَانَ أَحَدُ العَبْدَيْنِ سُدُسَ المَالِ وَخَرَجَتْ لَهُ القُرْعَةُ عُتِقَ وعُتِقَ مِنَ الآخَرِ نِصْفُهُ لِتكْمِلَةِ الثُّلُثِ، وَإِنْ رَأَيْنَا القِسْمَةَ فَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَاهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ أنَّهُ يُعْتَقُ مِنَ النَّفِيسِ ثَلاَثةُ أَرْبَاعِهِ وَمِنَ الخَسِيسِ نِصْفُهُ لِأنَّ نِصْفَ النَّفِيسِ حُرٌّ بِكُلِّ حَالٍ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، وَإِنَّمَا الزَّحْمَةُ في النِّصْفِ الثَّانِي.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: من الأصول المُمَهّدةِ، أن المَرِيضَ مَرَضَ الموت، إذا أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ، كل واحد منهما ثُلُثُ مَالِهِ على الترتيب. ولم يُجز الوَرَثَةُ يَنْحَصِرُ العِتْقُ في الأول، وإذا أعْتَقَهُمَا معاً يُقْرَعُ بينهما أيضاً، ولو عُرِفَ سبق أحدهما، ولم يُعْلَمْ عَيْنُ السابق، فقولان:


(١) في ز: واختار.
(٢) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>