للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز قصر القضاء، فإن وقعت صلاته قبل الوقت نظر: إن أدرك الوقت، أعاد، وإلا فقولان، وكل ذلك خلافاً ووفاقاً يجري فيما إذا اشتبه شهر رمضان على الأسير فاجتهد وأخطأ، وأصح القولين وجوب الإعادة، وهما مبنيان على أن المفعول بعد الوقت قضاء كما في غير حالة الاشتباه، أو أداء قائم مقام الواقع في الوقت؛ لمكان العذر، فإن قلنا بالأول لم يعتد بما تقدم على الوقت، وإن قلنا: بالثاني اعتد به.

الفَصْلُ الثَّانِي فِي وَقْتِ المَعْذُورِينَ

قال الغزالي: وَنَعْنِي بِالعُذْرِ مَا يُسْقِطُ القَضَاءَ كَالْجُنُونِ وَالصِّبَا وَالحَيْضِ وَالكُفْرِ، وَلَهَا ثَلاَثةُ أَحْوَال: الأُولَى أَنْ يَخْلُو عَنْهَا آخِرَ الوَقْتِ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ كَمَا لَوْ طَهُرَتِ الحَائِضُ قَبْلَ الغُرُوبِ بِرَكْعَةٍ يَلْزَمهَا العَصْرُ (ز) وَكَذَا بِقَدْرِ تكْبِيرَةٍ (م ز) عَلَى أَقْيَسِ القَوْلَيْنِ.

القول في وقت أصحاب الأسباب المانعة من وجوب الصلاة:

قال الرافعي: ذكرنا في أول الباب أن الغرض من هذا الفصل هو الكلام في الوقت الذي سماه الشافعي -رضي الله عنه- وقت الضرورة، سواء قلنا إنه ووقت العذر شيء واحد أم لا، والمراد من وقت الضرورة الوقت الذي يصير فيه الشخص من أهل لزوم الصلاة عليه بزوال الأسباب المانعة من اللزوم، وهي الصِّبا، والجنون، والكفر، والحيض، وفي معنى الجنونِ الإغماءُ، وفي معنى الحيضِ النفاسُ.

ثم لهذه الأسباب أحوال ثلاثة، لأنها إما ألاَّ تستغرق وقت الصلاة، أو تستغرقه، وإن لم تستغرقه، فإما أن يوجد في أول الوقت ويخلو عنها في آخره، أو يكون بالعكس من ذلك:

الحالة الأولى: أن يوجد في أول الوقت، ويخلو عنها آخره، كما لو طهرت عن الحيض أو النفاس في آخر الوقت، فننظر إن بقي من الوقت قدر ركعة فصاعداً لزمها فرض الوقت. واحتجوا عليه بقوله -صلى الله عليه وسلم- "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ".

والمعتبر في الركعة أخف ما يقدر عليه أحد، وإنما يلزم فرض الوقت بإدراك قدر ركعة بشرطٍ وهو أن تمتد السلامة عن الموانع، قدر إمكان فعل الطهارة وتلك الصلاة، أما لو عاد مانع قبل ذلك فلا.

مثاله: إذا بلغ الصبي في آخر وقت العصر، ثم جن، أو فاق المجنون ثم عاد

<<  <  ج: ص:  >  >>