للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فرع"

لا يقام حَدُّ الشرب فى السكر، بل يُؤَخَّرُ إلى أن يُفِيقَ (١). "آخر"

قال: لا تقام الحُدُودُ في المَسَاجِدِ، وتروى هذه اللفظة عن رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- ولأنه يحتمل (٢) أن يَتَلَوَّثَ المسجد من جِرَاحَةٍ تَحْدُثُ (٣)، ويسقط الفَرْضُ لو أُقِيمَتْ، كما لو صلى في مكان مَغْصُوبٍ (٤)، وكما لا يُجْلَدُ حَدّاً في المسجد، لا يجلد تَعْزِيرًا (٥).

قال الغَزَالِيُّ: هَذِهِ هِيَ الجِنَايَات المُوجِبَةُ لِلحَدِّ، وَمَا عَدَاهَا وَمُقَدِّمَاتُهَا فَيُوجِبُ التَّعْزِيرَ (والنَّظَرُ فِي التَّعْزِيرِ) فِي قَدْرِهِ وَمُوجِبِهِ وَمُسْتَوْفِيهِ (أَمَّا مُوجِبُهُ) فَهُوَ كُلُّ مَا يَعْصِي بِهِ العَبْدُ رَبَّهُ مِنْ جِنَايَةٍ عَلَى حَقِّ اللهِ تَعَالَى أَوْ حَقِّ الآدَمِيِّ (أَمَّا قَدْرُهُ) فَلاَ يَتَقَدَّرُ أَقَلُّهُ وَأكْثَرُهُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ يُحَطُّ عَنْ عِشْرِينَ جَلْدَةَ وَهُوَ أَقَلُّ مَا يَجِبُ فِي الحُدُودِ وَهُوَ حَدُّ شُرْبِ العَبْدِ، وَقِيلَ: بَل تَعْزِيرُ الحُرِّ إِنَّمَا يُحَطُّ عَنْ حَدِّهِ وَهُوَ الأرْبَعُونَ، وَقِيلَ: تَعْزِيرُ مُقَدِّمَاتِ الزِّنَا إِنَّمَا يُحَطُّ عَنْ حَدِّ الزِّنَا لاَ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ وَالقَذْفِ، وَقِيلَ: لاَ يُزَادُ عَلَى عَشْرَةٍ لِوُرُودِ خَبَرٍ فِيهِ صَحَّحَهُ بَعْضُ الأَئِمَّةِ، وَلاَ يَجُوزُ أن يُقْتَلُ في التَّعْزِيرِ وَالاسْتِصْلاَح.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَرَغنَا بتَيْسِيرِ الله وعَوْنِهِ من الكَلاَم في الحُدُودِ، والغَرَضُ الآن القول في التَّعْزِيرِ (٦)، وَهو مَشْرُوعٌ في كُلِّ معصية ليس فيهَا حَدٌّ، وَلاَ كَفَّارةٌ، سواء كانت من


(١) قال ابن الرفعة: سكت العراقيون عما لو حد حال سكره هل يعتد به أم لا. وقال القاضي الحسين: فيه وجهان وأجراهما فيما لو أفاق ثم جن وحد في حال جنونه ولم يرجح شيئاً والأظهر الاعتداد بذلك في حال السكر. وأما في الجنون ففيه نظر. وفي تعليق البغوي: وإنما يحد بعد الإفاقة ليحصل بذلك الزجر الكامل والردع التام فلو حد حال سكره أو حال جنونه وإغمائه قال يحتمل وجهين.
(٢) في ز: يحمل.
(٣) في ز: جراحته بحذو.
(٤) قال الأذرعي: كلام الرافعي يفهم تحريمه حيث قال لا تقام الحدود في المساجد وفي تعليق البغوي هنا: ولا يجوز هذا للنهي عنه وأفهمه كلام الماوردي لكن صرح غيرهما بأنه مكروه تنزيهاً وكذا قالاه يعني الشيخين في أدب القضاء وابن الصباغ في كتاب الحدود.
(٥) سقط في ز.
(٦) وهو في اللغة: التأديب وأصله من العزر وهو المنع، ومنه قوله تعالى: {وتعزروه} أي وتدفعوا العدو عنه وتمنعوه. ويخالف الحد في ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يختلف باختلاف الناس فتعزير ذوي الهيئات أخف ويستوون في الحد.
والثاني: تجوز الشُفْعَةُ فيه والعفو بل يستحبان. =

<<  <  ج: ص:  >  >>