للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الظهر فتجري فيه أقوال الفائتة؛ لأنها تشبهها من جهة أنها خارجة عن وقتها الأصلي، والأصح: أنه لا يؤذن لها أيضاً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ بِإِقَامَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ".

قال إمام الحرمين -قدس الله روحه- وينقدح أن يقول: يؤذن قبل الظهر (١)، وإن قلنا الفائتة لا يؤذن لها إما لأنها مؤداة ووقت الثانية وقت الأولى عند العذر، وإما لأن إخلاء صلاة العصر عن (الأذان وهي واقعة في وقتها فيعيد) (٢) الأذان الواقع قبل صلاة الظهر للعصر، وقد يؤذن الإنسان لصلاة ويأتي بعده بتطوع وغيرها إلى أن تتفق الإقامة وتخلله لا يقدح في كون الأذان لتلك الصلاة.

وعند أبي حنيفة يصلي للمغرب والعشاء بالمزدلفة بأذان وإقامة، ولا يقيم للعشاء ويجوز أن يعلم بالواو قوله: "بلا أذان" وكذا قوله في حالة التقديم: "فيؤذن للظهر" لأنه لتخصيص الأذان بالظهر، وقد حكى القاضي أبو القاسم بن كج أن أبا الحسن بن القطان خرج وجهاً أنه يؤذن لكل واحدة من صلاتي الجمعة قدم أو أخر وقوله: (بناء على أن الظهر كالفائتة فلا يؤذن لها) هذا وحده لا يوجب نفي الأذان فيهما لكنه يفيد نفي الأذان للظهر، وأما العصر فإنما لا يؤذن لها لمعنى الموالاة، ويلزم من مجموع الأمرين أن يكون أداؤهما بلا أذان، وقد نجد في بعض النسخ التعرض بسبب نفي الأذان للعصر أيضاً -والله أعلم-.

وإذا عرفت ما ذكرناه فلا يخفى عليك أن القيود الخمسة مختلف فيها كلها سوى القيد الرابع؛ فإن الظاهر عدم اعتبار الأول والثاني واعتبار الثالث والخامس.

فرع: لا يشرع الأذان في الصلاة المنذورة كذلك رواه صاحبُ التهذيب وغيره، ويخرج عن الضابط بقيد الجماعة فإن الجماعة لا يشرع فيها.

الفَصْلُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الأَذَانِ

قال الغزالي: وَهُوَ مَثْنًى مَثْنًى، وَالإِقَامَةُ فُرَادَى (ح) مَعَ الإِدْرَاجِ، وَالتَّرْجِيعُ (ح).


(١) قال النووي: بل الأظهر أن يؤذن، ففي "صحيح مسلم" عن جابر -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة في وقت الثانية بأذان، وإقامتين، وهو مقدم عند العلماء على رواية أسامة وابن عمر، أن صلاهما بإقامتين، لأنه زيادة ثقة حفظ ما لم يحفظ غيره. والله أعلم. روضة الطالبين (١/ ٣٠٨ - ٣٠٩).
(٢) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>