للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الغزالي:

كِتَابُ التَّيَمُّمِ

وَفِيهِ ثَلاَثةُ أَبْوَابٍ

الْبَابُ الْأَوَّلُ

فِيمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَهُوَ العَجْزُ عنِ اسْتِعْمَالِ المَاءِ، وَلِلْعَجزِ أَسْبَابٌ سَبعَة (الأوَّلُ) فِقْدَانُ المَاءِ وَلِلْمُسَافِرِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ، الأولَى أَنْ يَتَحَقَّقَ عَدَمُ المَاءِ حَوَالَيْهِ فيَتَيَمَّمَ مِنْ غيْرِ طَلَبٍ (و).

قال الرافعي: لا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ في أنه متى يتيمَّم، وكيف يتيمم، ولم يتيمم فجعل الباب الأول فيما يبيح التيمم فحينئذ يتيمّم والثاني في كيفيته، والثالث: في حكمه، ليعرف ما يستفاد به [وما لا يُسْتَفَاد] (١) فإنه إِنَّمَا يتيمم لفائدته.

الباب الأول في المُبِيح، وهو شيء واحد وهو العَجْزُ عن استعمال الماء، والمراد منه أن يَتَعَذَّرَ اسْتِعْمَال الماء عليه أو ينغمس للُحُوقِ ضرر ظاهر، وأَسْبَابُ العَجْزِ فيما ذكره سبعة:

أحدها: فَقْدُ الماء قال الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (٢) وللمسافر أربع أحوال، لأنه إمّا أن يتيقَّن وجود الماء حَواليه، أو لا يتيقنه، فإن لم يتيقنه فإمَّا أن يتيقن عدمه، وهو الحالة الأولى، أو لا يتيقن عدمه أيضاً، بل يتردد، وهو الثانية، فإن تيقَّنه فإما أن لا يزاحمه غيره على الأخذ والاستيفاء، وهو الحالة الثالثة، أو يزحمه غيره عليه، وهو الرّابعة.

الحالة الأولى: أن يتحقق عدم الماء حواليه مثل أن يكون في بعض رِمَالِ البَوَادِي، فتيمم، وهل يفتقر إلى تقديم الطلب عليه؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، لأن الله تعالى قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} وإنما يقال لم يجد إذا فقد بعد الطَّلب.

وأظهرهما: وهو الذي ذكره في الكتاب أنه لا حاجة إلى الطلب، لأن الطلب مع يقين العدم عبث: وأما ذكر الأول في الاستدلال بالآية ممنوع.


(١) سقط في ب.
(٢) سورة المائدة، الآية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>