للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخَرِ، فيبنَى على أن المِلْكَ في الهبة المقبوضة يَسْتَنِدُ إلَى وقت الهبة، أو يثبتُ عَقِيبَ القَبْض؟ فإن قلنا؛ بالأول، فالاعتبار بيوم العَقْد، وإن قلنا بالثاني، فالاعتبار به أو بيوم القبض؟ فيه وجهان كالوجهين في الوصيَّة، أن الاعتبار بيَوْم المَوْت أم يوم القَبُول؟ تفريعاً عَلَى أن المِلْكَ يحْصُل بالقبول، لكنَّ الأظهر في الهبة الاعتبارُ بيَوْمِ القبض؛ لأن الحَقَّ لا يلْزَمُ بالهبة، وفي الوصية يلْزَمُ بالمَوْت.

فَرْعَانِ:

أحَدَهُمَا لو قال: أوصَيْتُ لنصفه الحرِّ، أو لنصْفِهِ الرَّقِيقِ خاصَّةً، فعن القفَّالِ: أن الوصية باطلةٌ ولا يجُوزُ أن يُوصِيَ لنصْفِ الشخْصِ، كما لا يجوز أن يَرِثَ نصفه؛ وعن غيره: أنَّها تصحُّ، وُينَزَّلُ تقييدُ الموصِي منزلةَ المُهَايأة؛ فيكون الموصَى به للسيِّدِ، إن أوصَى لنصفه الرقيقِ، وله إن أَوْصَى لنصفه الحرِّ (١).

الثاني: تردَّدَ الإمام فيما إذا صرح بإدراج الأكساب النادرة، في المهايأة أنها تدخل لا محالة، أو يكَوُن على الخلاف؟ وفيما إذا عَمَّت الهبات، والوصَايا في قُطْرٍ، أنها تدْخُل لا محالة، كالأكساب العامة، أو هِيَ علَى [الخلاف] (٢) لأنَّ الغالِبَ فيها الندُور (٣).

القسم الثاني: إذا كان العبْدُ الموصَى له، للموصى، نُظِر؛ إن أوصَى لعبده القِنِّ برقبته، فهذه الصورةُ لها ذكْرٌ في القسْمِ الثانِي من الباب الثانِي في الكتاب، وسنَذْكرها إن شاء الله تعالى، وإن أوصَى له بجزءٍ من رقبته، نَفَذَتِ الوصيةُ فيه، وَعَتَقَ ذلك الجُزْءُ, وكذلك لو قال: أوصيتُ له بثُلُثِ مالِي، ولا مال له سواه.

ولو قال: أوصيتُ له بكُلِّ ما أملك من رقبةٍ، وغيرها من أموالِي، نَفَذَتِ الوصيةُ في ثلثه، وبقي باقيه رقيقاً للوَرَثَةِ؛ فتكُونُ الوصيَّة له بالثُّلُث من سائر أمواله وصيَّةٌ لمن بعضُه حرٌّ وبعْضُه رقيق للوارث، وحكمهما سيأتي. ولو قال: أوصيتُ له بثلث ما أملِكُ، أو بثُلُثِ أموالي، ولم ينصَّ عَلَى رقبته، فوجهان.


(١) قال النووي الأصح الثاني والله أعلم.
وفيما رجحاه نظر بل القياس ترجيح الأول؛ لأن ما حصل للبعض يكون مقسوماً بينهما وهو متعذر، وما لا فلا ويقع مشتركاً بين السيد والمبعض وهو يؤدي إلى الإبطال جملة كما هو المنقول عن الشيخ أبي علي كما يأتي فيما إذا أوصى لبمعض وكان بينهما مهايأة وقلنا: لا يدخل الإذن في المهايأة إذا لم يكن بينهما فقال الشيخ أبو علي: إن انتهينا إلى ذلك أبطلنا الوصية أيضاً فإن المبعض منهما يتصرف إلى مالك الرق ويصرفه إلى الوارث غير جائز فبطلت.
(٢) سقط في: أ.
(٣) قال النووي: الراجح طرد الخلاف مطلقاً، لكثرة التفاوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>