للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون مقرًّا لزيد بثمانية، ولعمرو بأربعة، ولو قال: لزيد عليَّ عشرة إلاَّ نصف ما لعمر، ولعمرو عشرة إلا ربع ما لزيد كون مقرًّا لزيد بخمسة وخمسة أسباع، ولعمرو بثمانية، وأربعة أسباع وقد يصور صدور كل إقرار من شخص بأن يدعى مالاً على زيد وعلى عمرو، فيقول زيد: لك عليَّ عشرة إلاَّ نصف مالك على عمرو، ويقول عمرو: لك عليَّ عشرة إلاَّ ثلث ما على زيد فطريق الحساب لا يختلف والله أعلم بالصواب.

البَابُ الثَّالِثُ، في تَعِقْيبِ الإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ

قال الغزالي: وَلَهُ صُوَرٌ: (الأُولَى) إِذَا قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ من ثُمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مِنْ ضَمَانِ شَرْطٍ فيه الخِيَارُ فَفي لُزُومِهِ قَوْلاَنِ يَجْرِيَانِ في تَعْقِيبِ الإِقْرَارِ بِمَا يَنْتَظِمُ لفَظًا في العَادَةِ وَيَبْطُلُ حُكْمُهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ إِنْ سَلَّمَ سَلَّمْتُ، فَعَلَي قَوْلٍ لا يُطَالَبُ إِلاَّ بِتَسْليِمِ العَبْد، وَعَلَى قَوْلٍ يُؤَاخَدُ بِأوَّلِ الإِقْرَارِ، وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ لا يَلْزَمُ يَلْزَمُهُ لأَنَّهُ غَيْرُ مُنتْظِم، وَقِيلَ قَوْلانِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ فَالأَصَحُّ أنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَقِيلَ قَوْلانِ، وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ إِنْ شَاءَ اللهُ فَالأَصَحُّ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ، وَقِيلَ قَوْلانِ، وَلَوْ قال: أَلْفٌ مُؤَجَّلٌ فَالأَصَحُّ أنَّهُ لا يُطالَبُ في الحَالِ، وَقِيلَ: قَوْلاَنِ، وَلَوْ ذَكرَ الأَجَلَ بَعْدَ الإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ مُؤَجَّلٌ مِنْ جِهَةِ تَحَمُّلِ العَقْل قُبِلَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَوْ قَالَ: مِنْ جِهَةَ القَرْضِ لَمْ يُقْبَل قَوْلاً وَاحِدًا وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ جَاَء رأْسُ الشَّهْرِ فَهُوَ عَلَى القَوْلَيْنِ إِذْ وَقَعَ لُزوُمُ الإقْرَارِ بِالتَّعْليِقِ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَعَلَيَّ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْهُ أَصْلاً، لأَنَّ الإِقْرَارَ المُعَلَّقَ بَاطِلٌ (الثَّانِيَةُ) إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ وَقَالَ: هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي قُبِلَ، لأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَنْ يكَوُنَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالتَّعدِّي وَكَانَ لاَزِمًا عَلَيْهِ، وَلا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في سقُوُطِ الضَّمَانِ لَوِ ادَّعَى التَّلَفَ بَعْدَ الإِقْرَارِ، وَفِيِه قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ لا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بالوَدِيعَةِ أَصْلًا فَيَلْزَمُهُ أَلْفٌ آخَرُ، وَهُوَ أَظْهَرُ فِيما إِذَا قَالَ: عَلَيَّ وَفي ذمَّتي أَوْ قَالَ: أَلْفٌ دَيْنًا.

قال الرافعي: تعقيب الإقرار بما ينافيه إما بالأسْتِثْنَاءِ (١)، أو غيره.


(١) وهو لغة: بمعنى العطف والعود، كقولهم: ثنيت الحبل إذا عطفت بعضه على بعض. وقيل: بمعنى الصرف والصّدّ من قولهم: ثنيت فلانًا عن رأيه، وقال ابن فارس: لأنه قد ثنى ذكره مرة في الجملة، ومرة في التفصيل.
واصطلاحا: الإخراج بإلاَّ أو إحْدى أخواتها من متكلم واحد، ليخرج ما لو قال الله سبحانه: اقتلوا المشركين، فقال عليه السلام: إلا زيدًا، فإنه لا يسمّى استثناء كما قاله القاضي.
والأولى أن يقال: الحكم بإخراج الثاني من الحكم الأول بواسطةٍ موضوعةٍ لذلك، فقولنا: الحكم جنس؛ لأن الإستثناء حكم من أحكام اللفظ، فيشمل المتصل والمنقطع، وخرج =

<<  <  ج: ص:  >  >>