للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعنْ روايةِ الشَّرِيفِ نَاصِرِ العُمَرِيِّ طريقتان أُخْرَيَان:

إحداهُما: القَطْعُ بالقَوْلِ الأَوَّلِ.

والثانيةُ: القَطْعُ باللُّحُوقِ، إذا كَانَ مَأْذُوناً في النِّكَاح، ومضى من الزَّمانِ ما يحتمل حُصُول الوَلَدِ، وتخْصيص القَوْلَيْنِ بما إذاً لمْ يَكُنْ مَأْذُوناً، وَيَجْري الخلافُ فيما إِذا أَقرَّ العبْدُ بأخٍ أو عَمِّ.

وفي "التَّتِمَةُ"طريقةٌ أُخْرَى قاطعةٌ بالمَنْع هاهنا؛ لأَنَّ لِظُهُورِ نسَبِهِ طَرِيقاً آخَرَ، وهو إقرارُ الأَبِ والجَدِّ، ويجري الخلافُ فيما لو استلْحَقَ حرٌّ عبْدَ غَيْرِهِ، وهُوَ بَالِغٌ، فصدَّقه لما فيه من قطْع الإرْثِ المُتَوَهَّمِ بالوَلاَء.

وفي "النِّهَايَةِ" أَنَّ بعْضَ الأصْحَاب قَطَعَ بِثُبُوتِ النَّسَب هاهنا وقال الحر: مِنْ أَهْلِ الاستلحاقِ على الإطْلاَقِ، ويجْرِي الخلافُ فيما لو اسْتَلحَقَ المعْتقُ غَيْرَهُ.

والقَوْلُ بالمِنْع هاهنا أَبْعَدُ لاِستقلالِهِ بالنكاح والتَّسَرِّي، وَإذَا جَعَلْنَا العَبْدَ منْ أَهْلِ الاستلحاقِ، فلا يُسلمُ اللقيطُ إليه؛ لأنَّه لا يتفرَّغُ لحضانَتِهِ وتَرْبيَتِهِ، ولا نَفَقَةَ عَلَيْهِ؛ لأنَّه لا مال له، وَيجُوزُ إعْلاَمُ قَوْلِهِ في الكتابِ. "فالصَّحِيحُ مِنَ القَوْلَيْنِ" بالواو لمَا حَكيْنَاه.

المسألة الثانِيَة:

إذا استلحقت المرأةُ موْلُوداً، وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً، لَحِقَها وَلَحِقَ زوْجَهَا، إن كانَت ذاتَ زوْج، وكانَ العُلُوقُ منْهُ مُمْكِناً، ولا يَنتفِي عَنْهُ إلا باللِّعَانِ، هذا إذا قيدت البينَّة بأنها وَلَدَتَهُ عَلَى فِرَاشِهِ.

أمّا إذا لم يتعرَّضْ للفراش، ففي ثبوت نسبهِ من الزَّوْج وجهانِ، حكاهما الشَّيْخُ أبو الفرج الزاز، فإن لم تُقِمْ بينةً، واقتصرَتْ علَى مجرَّدِ الدَعوى، ففيهِ ثلاثَةُ أَوْجُهٍ:

أحدها: أنها تقبل، ويلْحَقُها الوَلَدُ؛ لأنَّهَا أَحَدُ الأبَوَيْنِ، فصارَتْ كالرَّجُلِ وبل أوْلَى؛ لأنَّ جِهَةَ اللحوقِ بالرجلِ النكاحُ والوطئُ بالشُبهةِ، والمرأة تشارك الرجلُ فيهما، وتختص بجهة أخرى وهي الزنا.

وأظهرهما: المنعُ، وبهِ قال أَبُو حَنِيْفَةَ، وتفارِق الرَّجُل من وجْهَيْنِ:

أحَدُهُما: أنَّه يمكنُها إقامةُ البيِّنةِ؛ على الوِلاَدَةِ من طريقِ المُشَاهَدَةِ، والرَّجُلُ لا يمكنه، فمسَتَّ الحاجةُ إلَى إثباتِ النَّسَبِ من جِهَتِهِ بمجرَّدِ الدعْوَى.

والثاني، عن صاحب "التقريب": أنَّها إذا أَقَرَّتْ بالنَّسَبِ، فكَأَنَّها تقر بحقِّ عليها وعلَى غَيْرِها؛ لأنَّها فِرَاشٌ للزَّوْجِ، وقَد بَطَلَ إِقْرَارُهَا في حقِّ الزَّوْج؛ فبطل الجَمِيعُ: لأنَّ الإقرارَ الواحِدَ، إذا بَطَل بعضُهُ، بَطَل كُلُّهُ [ويقرب من] هذا قولَهُ في الكتابِ "لا لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>