قَالَ الرَّافِعِيُّ: هذا الفصْل معقود للكلام فيما إذا تَغَيَّر حالُ المجْرُوح من وقْت الجُرْح إلى المَوْت إمَّا بالعصْمة أو الإهْدَار، وإما في القَدْر المضْمُون به، واعلم أن المجْرُوح إمَّا أن يكون مُهْدَراً في حالة الجُرْح والموت أو مهدراً في حالة الجرح [و] أن يتخلل المهدر بينهما أو لا يتخلل وحينئذ فإما دون الموت. أو بالعكس أو معصوماً فيهما، وحينئذ، فإما أن تخْتَلف قدْر الضمان في الحالَتَيْن أو لا يختلف، فهذه أحوالٌ ستٌّ، والأُولَى والسادسةُ ظاهرتا الحُكْم، فطرحهما لوضوحهما، وبقيت الأربعةُ المذكورةُ في الكتاب.
أما الحالة الأولى: ففيها صور:
إحداها: إذا جَرَح مرتدّاً أو حربيّاً بقطع يد أو غيره، ثم أسلم، أو عُقِدت الذمَّة للحربيِّ، ثم مات من تلْك الجراحة، فلا قصاص؛ لأن قطع المرتدَّ غير مضمون بالقصاص، فسرايته لا تكون مضمونةٌ كقطع يد السارق، ولأن الجراحة إذا وقَعَتْ في حالةٍ لا توجبُ القصاص، لم يَجِبِ القصاص بما يحْدُث بعْدها أَلاَ تَرَى أنه لو جرح صبيٌّ إنساناً ثم بلغ الصبيُّ، ومات المجروحُ، لا يجب القصاص، ولأن الكفاءة تعتبر حالة الجراحة دون الموت؛ ولذلك نقول: لو قطع عبْدٌ يدَ عَبْدٍ، فأُعْتِقَ القاطعُ، ثم مات المقْطُوعْ فيقتل به اكتفاءً بالكفاءة عند الجراحة، وهل تجبُ الدية؟ فيه وجهان.
أحدهما: لا؛ لأنه قطْع غير مضمون، فسرايته لا تكون مضمونةً كسراية القطْع قصاصاً أو بالسرقة، وكما لو جرح الصائل عليه، دفْعاً، ثم أعرض، فسَرَتِ الجراحة.
والثاني: وينسب إلى أبي إسحاق، وحكاه القاضي ابن كج عن أبي محمَّد الفارسي: أنه تجب الدية اعتباراً بحالة استقرار الجناية، وربما وُجِّه في المرتد بأنَّه جُرْحٌ