للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فرع]

المُشترَى من المُشْتَرِي إذا اسْتَحَقَّ المَالَ في يَدهِ وانْتُزعَ منه ولم يَظْفَرْ ببائعه، هل له أن يُطَالِبَ الأَوَّلَ بالثمن؟ في فَتَاوَى القاضي الحُسَيْنِ أن الأصَحَّ، أنَّه لا يُطَالِبُهُ، ويُشْبِهُ ذلك مَنْ مَاتَ، وعليه دَيْنٌ، وادَّعَى وَارِثُهُ دَيْناً له على غيره، وأَنْكَرَ المُدَّعَى عليه، ونَكَلَ الوارث، هل يَحْلِفُ الغَرِيمُ؟

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّالِثُ إِذَا ادَّعَى مِلْكاً مُطْلَقاً فَذُكِرَ الشَّاهِدُ المِلْكَ وَسَبَبَهُ لَمْ يَضُرَّ، وَلَكِنْ لَوْ أَرَادَ التَّرجِيحَ بِالسَّبَبِ وَجَبَ إِعَادَةُ البَيَّنَةِ بَعْدَ الدَّعْوَى لِلسَّبَبِ، وَلَوْ ذَكَرَ الشَّاهِدُ سَبَباً آخَرَ سِوَى مَا ذَكَرَهُ المُدَّعِي تَنَاقَضَتِ الشَّهَادَةُ وَالدَّعْوَى فَلاَ تُسْمَعُ عَلَى أَصْلِ المِلْكِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِذا ادَّعَى مِلْكَاً مُطْلَقاً فَشَهِدَ الشُّهُودُ بالمِلْكِ، وذكروا سَبَبَهُ، لم يَضُرَّ، بخلاف ما إذا ادَّعَى أَلْفاً، فَشَهدَ الشُّهُودُ بِأَلْفَيْنِ، حيث تُرَدُّ شَهَادَتُهُم في الزيادة على الألْفِ، وفي الألف [الأخرى] (١) اختلاف مَذْكُورٌ في باب الإِقْرَارِ.

والفَرْقُ؛ أن ذِكْرَ سَبَبِ المِلْكِ تابع لِلْمِلْكِ، وليس مقصوداً في نَفْسِهِ، بخلاف الأَلْفِ مع الأَلْفِ، فلو أراد المُدَّعِي تَقْدِيمَ بَيِّنَتِهِ بذكر السَّبَب، بِنَاءً على أن ذِكْرَ السَّبَبِ يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ، لم يَكْفِ للترجيح تَعَرُّضُهُمْ للسبب؟ [أَولاً] (٢) لوقوعه قبل الدَّعْوَى والاسْتِشْهَادِ، بل يدعي الملك وسببه، وهم يُعِيدُونَ الشَّهَادَةَ، فحينئذ تُرَجَّحَ بَيِّنَتُهُ.

وفيه وجه: أنَّه لا حَاجَةَ إلى إِعَادَةِ البَيَّنَةِ، ويكفي أن تكون الشَّهَادَةُ على ما هو المَقْصُودُ، وَاقِعَةً بعد الدعوى والاسْتِشْهَادِ.

ولو ادَّعَى المِلْكَ، وسَبَبَهُ، وشَهِدَ الشُّهُودُ بالملك، ولم يذكروا السَّبَبَ، قُبِلَتْ شهادتهم؛ لأنهم شَهِدُوا بالمقصود. ولا تَنَاقُضَ.

ولو ادَّعَى المِلْكَ، وسَبَبَهُ، وذكر الشهود سَبَباً، سِوَى ما ذكره. فالوَجْهُ الصحيح، إِبْطَالُ شَهَادَتِهِمْ؛ لما بَيْنَهَا وبين الدعوى من التَّنَاقُض.

وقيل: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ على أَصْلِ المِلْكِ، ويَلْغُو ذكر الشهود السبب.

ولو شهد شَاهِدٌ بِأَلْفٍ عن ثَمَنِ مَتَاعٍ، وشاهد بِألْفٍ عن قَرْضٍ، والدعوى مُطْلَقَةٌ، فقد ذكرنا في الإِقْرَارِ؛ أنَّه لا يَثْبُتُ بشهادتهما شَيْءٌ. وقِيَاسُ الوَجْهِ الثاني على ضَعْفِهِ ثُبُوتُ الألف (٣).


(١) سقط في: ز.
(٢) سقط في: ز.
(٣) والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها أن الإِقرار ليس من شرطه تقدم دعوى بخلاف المسألة المتقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>