قال الرافعي: رهن مال الزَّكَاة إما أن يكون بعد تمام الحَوْل أو قبله، وقد ذكر الحالتين في الكتاب.
فالأولى: قوله: "ولو رهن مال الزكاة صح".
واعلم أن القول في صحة الرهن في قدر الزكاة كالقول في صحة بيعه، فيعود فيه جميع ما قدمناه، ويحتاج إلى إعلام قوله:"صح" بالواو لمثل ما ذكرناه في البيع، ثم إذا صَحَّحناه في قدر الزَّكَاة ففيما عداه أَوْلَى، وإنْ أبطلناه في قدر الزَّكَاةَ فَالحُكْمُ فيما عداه يترتب على البيع أن صححنا البيع فالرهن أولى وإن أبطلناه ففي الرهن قولان مبنيان على العلَّتين المشهورتين لقول فساد التفريق.
إن منعنا التفريق لاتحاد الصِّيغة وفسادها في بعض مواردها بطل الرَّهن أيضاً، وإن عللنا باتِّحاد العوض لم يبطل، ويخرج مما ذكرناه طريقة جازمة بصحَّة الرَّهن فيما عدا قدر الزَّكاة وبها قال ابْنُ خَيْرَانَ: ثم إن صححنا الرهن في الجميع، ولم يؤدِّ الزكاة من موضع آخر كان للسَّاعي أخذها منه، فإذا أخذ انفسخ ارَّهْن فيه، وفي الباقي الخلاف فيما تقدم في البيع، وإن أبطلناه في الجميع أو في قدر الزكاة خاصّة، وكان الرهن مشروطاً في بيع ففي فساد البيع قولان، وإن لم يفسد فللمشتري الخيار ولا يسقط خياره بأداء الزكاة من موضع آخر.
الحالة الثانية: أن يرهن قبل تمام الحَوْل، ثم يتم الحول، فقد ذكر في وجوب الزكاة فيه خلافاً في الكتاب قبل هذا وشرحناه، والرهن لا بد أن يكون بدين، وفي كون الدين مانعاً من الزكاة الخلاف المشهور.
فإن قلنا: الرهن لا يمنع الزكاة قلنا: الدين أيضاً لا يمنع، أو قلنا: إنه يمنع لكن كان له مال آخر يفي بالدين وجبت الزكاة وإلاَّ لم تجب.
إذا عرف ذلك فلا يخلو إما أن لا يملك هذا الراهن مالاً آخراً، أو يملكه، فإن لم يملك فهل تؤخذ الزكاة من عين المرهون؟ ينبني ذلك على كيفية تعلّق الزكاة.
إن قلنا: تتعلق بالذمة فعن أبي علي الطَّبَرِي وغيره أنه قد اجتمع هاهنا حق الله تعالى وحق الآدمي، فيخرج على الأقوال الثلاثة في اجتماعها، فإن سوينا بينهما وزعنا، وعن أكثر الأصحاب أنه يقدم الرهن؛ لأنه أسبق ثبوتاً، والمرهون لا يرهن، وهذا الوجه